وروع فيه المسلمون جميعهم ... بثالثةٍ كادت (١) تريق دماءه
فقد لطف الله العزيز بعبده ... وأنفذ في قلب العدو قضاءه
وكمل حج المؤمنين وصانهم ... من الشر واستبقى عليهم هناءه
وراحوا وقد نجى الإله وليه ... يطيلون بالشكر العميم نداءه
وقد وعد الله المطيع بنصره ... وخوَّله أجر التقى وحباءه
ودافع عنه بالكتاب ولم يزل ... يحقق للإسلام فيه رجاءه
وأقسم لو أن الأخاشب زلزلت ... وماد ثبير أو شهدنا انكفاءه
لما كان من تأثيره في قلوبنا ... كرجفة غاو قد فريت حشاءه
فقرت بما استلهمت أركان بيته ... وقد كاد يعدو للقصاص وراءه
ولو أننا نهوي إلى الله سجدًا ... مدى الدهر شكرًا لم نؤد ثناءه
فقد سلمت فيك الجزيرة كلها ... ودين الهدى منذ استجبت دعاءه
وكم حادثٍ يبدو لأول وهلةٍ ... كريهًا ويجد الله فيك صفاءه
إلى أخرها، ولا يمكن استقصاء بقية القصائد، فلو أتينا بها لضاق الوسع، ولا بدع ولا غرو إذ يجري ذلك الاستنكار، ويجري من سكان الجزيرة كمال السرور والهناء بسلامة زعيم العرب وباعث مجدها والساعي في رفعة شأنها.
[ذكر تنصل اليمن من الحادث]
أما الإمام يحيى فقد أبرق يهنئ بالسلامة مستنكرًا هذا الحادث، ساخطًا على مرتكبيه، مستنزلًا اللعنة على الباغين الملحدين بظلم في الحرم الشريف، وتبرأ من هذا الحادث بكل ما يطيق من البراءة براءة الذئب من دم ولد يعقوب، وأقسم بالله أنه من حين بلغ بالحادث من جلالته لم يستقر له قرار، وجعل ينفض يديه على حد
(١) قوله بثالثة إشارة إلى حادثة أبي لؤلؤة وابن ملجم الخاسرين، الأول قاتل عمر، والثاني قاتل علي.