ومع ذلك فإنَّه يؤدي العبادة كشاب قوي قد ابيض شعر لحيته وما كان يصبغ بالحناء ولا بغيره. كان طويل القامة فيه احدداب وعليه هيبة العلماء وسيماء الأتقياء.
[ذكر أخلاقه وشمائله]
كان حليمًا إلى حد كبير وقورًا متواضعًا ومع كثرة الأشغال والمشاكل القضائية وإثارتها فإنَّه لم يشاهد في يوم ما قد استبدَّ به الغضب أو تملكه وكانت معاملته لأفراد أسرته مثالًا في العطف والرفق والحنان والتربية الحسنة والبعد عن القسوة في التربية، وكان وقورًا يميل إلى الاعتصام بالصمت حينما لا يكون ثم داع للكلام، وكثيرًا ما تراه في بعض المجالس وهو يتلو القرآن أو يذكر الله. وهذا ما طبع مجاله بالطابع الجدي وكان متصفًا بالأناة والورع ويكثر من التهجد وتلاوة القرآن الحكيم ليلًا ومن النوافل نهارًا وخصوصًا بعد أن تقدمت به السن. وبالرغم من ضعفه وسنه المتقدمة فإنَّه لم يخل بشيء من عبادته أو تهجده، وكان رحمه الله لا يميل إلى الانتقام أو الأخذ لنفسه ممن يرتكب في حقه خطأ ولا يتأدب معه بل كان في الغالب يكل ذلك إلى الله سبحانه وتعالى. وهذه خصلة كما قال الله تعالى: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥)}. ومن النَّاس من إذا هضم حقه فإنَّه يقوم بما لديه من القدرة ويدأب في إرداء خصمه والإِجلاب عليه بخيله ورجله ولو كلف ذلك مهما كان من الثمن. وقد طهر الله أخلاق المترجم من ذلك لما له من الفضل والرفعة التي لا تسمح له بهذه الدناءة وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. وفي عام ألف وثلثمائة وستين تخلى عن القضاء وذلك لكبر سنه فكان ذلك حافزًا له على الانقطاع عن العمل والتفرغ للتعليم والعبادة وألف في تلك الفترة حاشيته التي علقها على الروض المربع. وكان يعتزم إصدار تاريخ لنجد في الفترة الوسطى والأخيرة، وبينما هو يجمع المراجع ويسجل