والعبيد، فهذا لحكمةٍ يريدها الله التي شرّعها ليعلموا أنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى، وقد امتدح الله عز وجل الأنصار بقوله:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}[الحشر: ٩]، ولو أنصف الناس لاستراحوا، ومما يؤثر عن الملك خالد بن عبد العزيز طيب الله ثراه أن لا يحج في أحد المواسم، فقال: أريد أن أوسع للحجاج بترك الزحام في منى، وأوسع لهم في منزلي ومنزل خدمي، ومن الناس من يحج كل عام ويرى أن ذلك من أفضل الأعمال، ولكنه فإنه يعلم أن من لم يحج إلا الفرض يكفيه من الزحام.
[حادثة من الحوادث]
لما أن كان في آخر اليوم الثامن من شهر ذي الحجة قبل غروب الشمس بساعتين وثلث نشأت سحابة من الجنوب سودات تسبقها رياح، فتكشفت عن ظلمة شديدة، فتحول الفضاء من الحالة الطبيعية إلى ظلمة شديدة، وكانت الأمة في منتصف الليل برياح اقتلعت الأشجار التي استهدفتها، وانسدت الشوارع من تلك الأشجار الضخمة الثقيلة، وكادت الحركة أن تتعطل لولا ما اتخذته بلدية مدينة بريدة من جلب المعدات والونشات، وكانت الرياح لشدتها أن تحمل ما تمر به مع مطر كثيف شديد، ولشدة هذه الرياح دخلت الأمطار في المنازل من جهة الأبواب والنوافذ، فلبثت بهذا الوضع ساعة وثلاثين دقيقة، وقام الضعفاء من النساء والصبيان يصرخون، فتجلت شيئًا فشيئًا، وهذا في القصيم على العاصمة، ولكن الله دافع بفضله عن الهلاك والدمار، هذا وقد هطلت الأمطار على منى منزل الحجاج في أوائل النهار، ومن ذلك اليوم يوم التروية، وقد أحصى الذين قدموا إلى مكة إلى آخر يوم التروية عن طريق الجو والبحر، فبلغوا تسعمائة ألف وتسعين ألفًا من الحجاج، وزيادة سبعمائة وقد أراد الإيرانيين أن يقوموا بمظاهرات، ولكن عقلاءهم عدلوا عن ذلك لقوة المواقع من الحكومة، وسار الموسم إلى الهدوء، فلله الحمد على ذلك.