للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العقد المتقدم ذكره، وكان من بين عائلة نجله المعظم والرئيس الأفخم عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل، وكان حدث السن لكنه يروم مع صغر سنه من الأمور معاليها ويتبوأ بهمته إلى هاماتها وأعاليها، وقد ضبط عنه أنه لما مرّ بالبحرين مع والده في ذهابهم إلى الكويت كان عمره لا يتجاوز الحادية عشرة، فسأله أمير البحرين عيسى بن علي آل خليفة قائلًا: أقطر أحسن أم البحرين؟ فأجابه عبد العزيز بالحال الرياض أحسن منهما، قال الشيخ عيسى بن خليفة فدهشت لهذا الجواب السريع، وعلمت أن وراء الأكمة ما وراءها.

وفيها نهض سادات صنعاء على الترك فحاربوهم وأخرجوهم من صنعاء، وكانت تلك الثورة فاتحة حروب وفتن، واستمرت ربع قرن يومًا تضطرم نارها، ويومًا تهمد تحت الرماد، وعندما قام عليهم الإمام المنصور والد يحيى، بعثت الدولة الفريق أحمد فيضي باشا لإخماد الثورة، فتقدم بجنوده إلى صنعاء فحاصرها واستولى عليها، فتقهقر الإمام ومات بعد ذلك، ثم إنه أعاد الكرة ابنه الإمام يحيى على الترك، وجرى بينه وبينهم ما سنذكره بعد ذلك إن شاء الله تعالى.

[ذكر إمامة محمد بن رشيد في نجد]

لما قتل هذا الأمير أبناء أخيه بندرًا وإخوتهم، جلس على عرش إمارة الجبل، وكان حليمًا حكيمًا، وكان قد آلى على نفسه بعد قتلهم ألا يقطع الرؤوس إلا في الحرب، فكان البدو يسخرون منه لقلة قتلة فيقولون لا يحسن الملك لأنه لا يكثر قطع الرؤوس، ولما لبث في إمارة حائل عشرين سنة، جرت المليداء فكتب له النصر وتم له الاستيلاء على نجد، فكان ملكًا سياسيًا له غور بعيد على الأمور وأهوالها، وله حظ عظيم من الدهاء، فقام بسياسته وقديمًا ما نفعت السياسة القائم بها، وخاض نجدًا يريد مناصرةً عبد الله بن فيصل، ومن يأخذ بالظاهر فإنه حمده على ذلك فأخرج عبد الله من السجن ثم أسره وبقية آل سعود، وبعث بهم إلى حائل ثم مكر بهم إلى غير ذلك.