للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن سياسته أنه يحترم العلماء ويوقرهم ويعرف حقهم، وكان ذات يوم إلى جانبه الشيخ عبد الرحمن العجاجي، فقال له أيها الأمير: إن هؤلاء الأعراب نشأوا علي جهل فلو جعلت لديهم مطاوعة يرشدونهم ويبنيون لهم لتبرأ ذمتك، فإنهم لا يعرفون طهارة ولا صلاة، فالتفت الأمير إلى عمه عبيد بن رشيد وقال له: أسمع ما يقول الشيخ، دعهم وجهلهم لنسلم من شرهم، فلو جعلنا عندهم من يعلمهم وعرفوا حقوقهم لبدأوا بالإنكار علي.

وقال مرة إني لا أقر الفساد ولا أرتضيه، فقيل له هذا فلان يرصد النساء في مواضع المياه إذا جئن يسقين ويسعى للريبة والخبث، فبعث إليه ينهاه ويتهدده، غير أن هذا مبتلى والعياذ بالله بالفتنة فلم يطق الصبر عن فعله فلما بلغه أنه لم ينته، خرج على جواد وتحين له في ناظوره، فلما رآه حوالي النساء، أرسل عليه جواده كالطير، فلما أحس المريب بالشر أطلق رجليه كالريح يريد البلد، فأدركه الأمير وضربه بالصمصامة فطار عنقه كأنه كره وضل الجسد يركض بلا عنق، فلما رآه كذلك بكى وقال ليعلم الناس بأنه خرج عن السمع والطاعة، وندم على قتله بعد ذلك حتى قيل أنه دفع ديته إلى أهله.

ولما توافق هو وأهل القصيم وبان له الظفر، بث جنوده لينهبوا الأموال ويقتلوا الرجال، فجاؤه بالأموال التي قد نهبوها والأدباش من القرى وغيرها، وأخرجوها من معاطنها وحشروها لديه، فبكى وقال أريد أعناق الرجال وتأتوني بالحمر والبقر والغنم، أنا لا أريدها.

ولما جرى من أمر الله ما لا يطاق في آخر الواقعة وفر بعض العجزة من أوطانهم إلى عنيزة ونحوها، وجعل المسلمون يرتقبون ماذا يحله بهم لأنه ظهر مظهر الفاتح المسلط، عفا وكفَّ جنوده عن كل فساد، ولما ذكروه يمينه أنه سيبيحها ويضرب بريدة طولًا وعرضًا، ويقتل وينهب، قال لجنوده ادخلوا من أي باب شئتم واخرجوا فليس هناك معارض، أما الفساد فلا ولا رخصة لكم بذلك وأن القصيم