نشأ رحمه الله على طهارة وعفاف، وتقى وصلاح، فكان في معية أخيه وشقيقه الشيخ عبد الرحمن، لأن أخاه أسن منه، فكان يدرس عليه ويتعلم منه ويستخلفه على مكتبته إذا سافر، وقد أوقف عليه كتبًا نفيسة، وكان يألف المسجد ويتخلى في حجرة فيه يطالع كتبه ويكتب، وقد حببت إليه الخلوة والتردد إلى المسجد، وبعدما حفظ القرآن لزم الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم، وأخذ عن الشيخ عمر بن سليم، وأكثر الأخذ عنه، ثم أخذ أيضًا عن الشيخ عبد الله بن محمد بن فداء، وأخذ عن الشيخ عبد الله بن سليمان بن بليهد، ومما درس به على الشيخ عمر بن سليم كتاب بلوغ المرام، فكان يقرأ حديثين ثم يطبق الكتاب، وقد يستزيده الشيخ فلا يتجاوزهما، ثم إنه حج فرضة في أواخر ولاية الشريف الحسين بن علي، فلما تم له من العمر خمس وعشرون سنة تزوج بامرأة فأقامت عنده مدة غير طويلة فطلقها، ثم تزوج بعدها بثيب وذلك في ٤ شوال ١٣٤٩ هـ، وكل هذه الأعمال بسعي والدنا وأسبابه فإنه قد كفاه مؤونة الدنيا وفرغ باله لطلب العلم جزاه الله خيرًا، فلتهنه هذه الخطة التي سيجازيه الله عليها الإثابة، ثم إنه حج في ١٣٥١ هـ وكان مكبًا على طلب العلم منافسًا في نيله بحب العزلة، وأولع في جمع الكتب فرحمة الله عليه رحمةً واسعة.
[الباب الثاني: فى عبادته وورعه وصبره]
كان يكثر تلاوة القرآن وله حظ من قيام الليل فكان يقوم من آخر الليل عند طلوع الفجر الأول ويتطهر ويصلي ما كتب له على الدوام، ويلازم الجمع والجماعة، وغالب صلواته يكون يلي الإمام في مقدمة الصفوف ولا سيما صلاة الفجر والمغرب والعشاء، فإنه لا يكاد يتخلى عن محاذاة الإمام في الصف، وكان يعجبه أن يكون مأمومًا، ويحب الخمول والتقشف.
وقد عرض عليه الشيخ وظيفة الإمامة فرفض أيضًا، وجرى له مع الشيخ محاورة