فصل، العاقل من يحفظ جانب الله عزَّ وجل وإن غضب الخلق وكل من يحفظ جانب المخلوقين ويضيع حق الخالق يقلب الله قلب الذي قصد أن ترضيه فيسخطه عليه، ثم ذكر كلامًا للخليفة المأمون حيث قال لبعض أصحابه: لا تعصِ الله بطاعتي فيسلطني عليك. ولما بالغ طاهر بن الحسين فيما فعل بالأمين وفتك به وصلب رأسه وإن كان ذلك عن إرادة المأمون ولكنه بقي أثر ذلك في قلبه فكان لا يقدر أن يراه، ولقد دخل عليه يومًا فبكى المأمون فقال له طاهر: لم تبكِ لا أبكى الله عينك فلقد دانت لك البلاد، فقال: أبكي لأمر ذكره ذل وسره حزن ولن يخلو أحد من شجن، ثم ساق رحمه الله تمام القصة بأسلوب بديع وكيف أضمر لطاهر بن الحسين طوية سيئة حتَّى قضى عليه، وخذ القصة من صيد المخاطر وراجع أبيات الصنعاني في المقدمة في السَّنة التي قبل هذه.
[ذكر الأهوال والأحداث المريرة التي جرت من اليهود]
لما استولت اليهود على الضفة الغربية من الأردن قامت تواصل أعمالها الإجرامية ضد الأهالي فجعلت تنسف العديد من البيوت وتعتقل المئات من السكان وجرى على أهل فلسطين مآس تقلق وتزعج، فهذا رب عائلة نزح عن الضفة الغربية وحمل معه بعض أطفاله بينما ترك الباقي في عهدة والدتهم وما أن حط في عمان وتفقد أسرته حتَّى اتضح له أن اثنين من الأطفال قد ضاعا في الطَّريق، وهذه امرأة لما فجعت بذهاب وطنها الحبيب حملت طفلتها على يدها وفرت تريد النجاة وعند وصولها اتضح أنَّها حملت وسادة بدلًا من الطفلة، وذو عائلة تعرض وهو في الطَّريق إلى القصف الجوي ففقد ثلاثة من أطفاله بينما أصيبت زوجته بحروق تدمي القلب وآخر هرب بأسرته من جحيم القصف والتدمير فاضطر إلى وضع أطفاله داخل كيس واستمر في مسيره إلى الضياع حتَّى وصل إلى الجسر فأوقفه اليهود سائلين عن حمولته وما أن وضع الكيس على الأرض وأشار إلى أنَّه يحمل أطفال وفتح الكيس لينظروا حتَّى أعدموهم خنقًا