للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من قيود التبعية التركية وتعطيهم من الحربة ما يعيدون به مجد السالفين، وعز الغابرين فعاونوه على نهضته بكل ما استطاعوا، وأطاعوه حتى فيما كرهوا، وأسفر الصبح عن مأساة شنيعة جدًا أحمر لها وجه العرب والمسلمين خجلًا، وقرت بها عيون الحلفاء والأوربيين جذلًا.

[ذكر وقعة جراب سنة ١٣٣٣ هـ]

قد قدمنا أن الدولة العثمانية قد اتفقت من ابن رشيد أمير حائل وهو سعود بن عبد العزيز بن متعب، وأمدته بعشرة آلاف بندقية من أمهات خمس القصار، وأمد الإنكليز ابن سعود على حرب ابن رشيد، وقد كان ابن سعود لا يلتفت إلى شريف مكة ولا إلى منع المارين من رسل الدولة للاجتياز إلى اليمن، وإنما كان يهمه ابن رشيد أمير الجبل، فما كان إلا القليل حتى تأهب الفريقان للحرب في وقت قصير ولم يتجاوز جيش كل منهما ثلاثة آلاف مقاتل، فقد كان مع ابن سعود نحو ألف مقاتل من الحضر وأكثرهم من أهل الرياض ونواحيها، ويمتاز هؤلاء المقاتلة بالبسالة والشدة ومعه ثلاثمائة خيال من العجمان ما عدى البادية ومدفع واحد لا غير، كما أن ابن رشيد معه ستمائة من الحضر وألف فارس من فرسان شمّر، وقد رافق ابن سعود الضابط الإنكليزي شيكسبير المتقدم ذكره، فما استحسن ابن سعود خروجه معه وقال له: ليس من رأي أن تمشي معنا وإني أفضل انتظارك إيانا في الزلفي فنعود إن شاء الله إليك، غير أن الضابط أجابه بقوله لا يجوزان يقال أن رجلًا إنكليزيًا قرب من ساحة القتال بين ابن سعود وابن رشيد ورجع جبانةً وخوفًا، وقد ألحّ عليه ابن سعود بالرجوع، وألح هو أيضًا بالحضور، فركب مع الجيش إلى ساحة القتال في جراب، وجراب هذا ماء من مياه القصيم.

ولما أن حضر شكسبير في جيش ابن سعود قام على تعصبه بعادات أجداده وتقاليد أمته فما غير لباسه، بل ركب وبين يديه آلة التصوير، فلما كان في سابع ربيع الأول التقى الجمعان واصطدم الفريقان وذلك في شدة الحر وعلت بالقوة