والبسالة قوم ابن سعود يقولون "أهل التوحيد أهل العوجاء وشمر يعترون بهذه الكلمة "سناعيس سناعيس" وقد أخرجت شمر عمارياتها وهذه العماريات بنات أبكار، من عادات العرب أن كل قبيلة تنتخب في الحرب بنتًا من بناتهم الأبكار تسمى العمارية، فتركب في هودج أو تقف وتكون سافرة مرخية شعرها وتتقدم قومها إلى ساحة القتال والوغي منتخية منخية ولا أعلم لأي فائدة في ذلك ويقرب أن وجود هذه البنت بين قبيلتها يشجعهم على القتال فيقوموا بواجب الدفاع عن النساء والذرية، وقد أبطل ابن سعود هذه العادة القبيحة، أما الانتخاء بأهل العوجاء فهو لأهل الرياض والاعتزاء يكون بأسماء الآباء والأجداد وأسماء القبائل أو البلدان وما فيه مفخرة.
ولما أن تبادرت الأصوات "أهل العوجاء أهل العوجاء" ويردد الإخوان من قوام ابن سعود أيضًا هؤلاء الكلمات التي تقذف البدوي في الوغى وتصليه نيران الحرب:
هبت هبوب الجنة ... أين أنت يا باغيها
كما أنه يجيبهم أولئك سناعيس سناعيس، ما كان إلا أن تصادمت الأبطال وتقارعت في المجال وتطاردت وتراجعت، وكان ذلك في ظهر ذلك اليوم، فكانت الغلبة في بادئ الأمر لابن سعود وجعل رصاص أهل التوحيد يقع أمام الشمريات الواقفات فوق أسمنة الإبل فيصحن بالرجال إلى القتال ويهتفن هازجات:
يلي يتمنًا حربنا ... غويت يا غاوي الدليل
كم واحدٍ من ضربنا ... دمه على الشلفي يسيل
فاحتدم القتال ودوت البنادق فأصيب شكسبير برصاصة قضت عليه، وظهر تخاذل من فرسان العجمان الذين هم مع ابن سعود بأن تراجعوا فأغارت إذ ذاك بادية ابن رشيد على جناح أهل التوحيد الأيسر فدحروه وغنموا أمواله.
وكان بدو ابن سعود الذين أكثرهم من مطير قد أغاروا أثناء ذلك على جيش ابن رشيد ومخيمه فغنموا وفازوا وانفصلت الواقعة عن هزيمة ابن سعود، وقد حدثنا من حضرها أن رايته تجر على الأرض حتى مزق بعضًا منها.