ويا حسرتا كيف اطمأنت نفوسنا ... إلى الميل في الدنيا وكسب الرذائل
فذا الغبن كل الغبن يا قوم فاعلموا ... ألا تعجبوا من ذا الردى والتكاسل
فيا معشر الإخوان يا زينة الورى ... ويا أنجم السارين من كل فاضل
ويا عصبة الإسلام هبوا توكلوا ... على الملك الأعلى لسرد الدلائل
ولا تدنسوا العلم الشريف بريبةٍ ... ولا تسئموا بث الهدى في القبائل
إلى أن قال:
أما آن أن نصغي إلى طلب العلى ... ونعمر أطلال العلا والمسائل
نسرح أفكارًا لنا وفهومنا ... ونبحث في علم الهدى بالمحافل
ولا سيما التوحيد أزكى علومنا ... وننهض في كسب العلى والفضائل
ونعمر أطلالًا لقول مليكنا ... كذا شرعة المختار بين القبائل
.. الخ وهي حسنة ولولا خشية الإطالة لأتينا بها، ومنها قصيدة تائية نظمها تسليةً لبعض إخوانه في الله لما أصيب بموت أقربائه، وقد قدمنا جملة من قصائده في رثاء العلماء، ومنها قصيدة في ماء القويطير، وله تعليقات على بعض المسائل، ولقد أهمل أهل القصيم ذكر عظمائهم وعلمائهم وشعرائهم فلم يدونوا شيئًا من ذلك، ويعتبر هذا من التفريط.
[الباب الخامس: فى مرضه ووفاته]
كان أول مرضه رحمة الله عليه في محرم من هذه السنة، وهو قلة هضم وهزال، فما زال جسمه ينهدم وتنحل قواه فصام شهر رمضان، غير أنه كان يصلي جالسًا، ولما كان في منتصفه أصابه فهاق شديد أعقبه نفث دم كثير، وكان يذهب ويجيء فلم يلزم الفراش، وصلى صلاة عيد الفطر في المصلى، هذا وقد نقص بدنه وانحلت قواه فاتخذ عصًا يتوكأ عليها ويستعين بها على المشي، فلما كان في غرة ذي القعدة ضعفت بنيته وشق عليه السعي إلى المسجد، وفي خامس ذي القعدة لزم البيت ويستطيع الصعود والنزول، ثم إنه جعل يستعد للموت ويوصي بماله وما عليه، أما