الاستيلاء على المواقع التركية صبر إلى أن سلمت جدة ثم طلب من الإنكليز إرسال جنود مصرية فأرسلت له ووصلت مكة فتوالي الضرب من الطرفين، وكان القصر الهاشمي مرمى قذائف الأتراك وقنابلهم، وكان الشريف لشجاعته ثابت الجنان في قصره لا يبالي، وقد أصيبت الكعبة المعظمة ببعض القذائف لوقوعها أمام موقع من المواقع الهاشمية، ثم سقطت آخر المواقع وهي ثكنة أجياد في ٩ رمضان صباحًا في الساعة الرابعة، ولما سقطت هجم البدو وبعض من الأهالي على القلعة وقتلوا طبجنها وكل من فيها، وذهبوا إلى محلات الأتراك العمومية والخصوصية فنهبوا ما فيها من أثاث وأموال وغيرها.
أما الطائف فكان فيه الأمير عبد الله بن الحسين مقيمًا قبيل الحركة بأيام فجاءته التعاليم من أبيه أن يخرج ويقيم في جبالها، فخرج قبل الحركة بثلاثة أيام ثم زحف يوم الثورة إلى الطائف بجنود من البدو، ومن حضر لديه من والده من الجنود المصرية التي بعثتها بريطانيا امتثالًا لأمره، فحاصر عبد الله الطائف وضيق عليها.
وبما أن في الطائف عددًا من الجنود التركية والضباط ما ليس بهيّن، فقد امتد الحصار بين أقدام وأحجام حتى نفدت الأرزاق من يد الأتراك بعد دفاع أربعة أشهر من ابتداء الثورة إلى يوم الاثنين الموافق ٢٦ من ذي القعدة، فسلمت ثم أرسلت الجنود التركية مع والي الحجاز غالب باشا إلى جدة فركبوا على ظهر إحدى البواخر لنقلهم إلى معتقلتهم، ولما سلمت تلك المذكورات نزلت بحارة الإنكليز مطمئنة آمنة.
[ذكر الحرب في المدينة والسواحل]
لما قام الحسين بنهضته في جدة ومكة والطائف تقدم أبناء علي وفيصل لمهاجمة المدينة، فوجدوا فخري باشا قد استعد اللقاء استعدادًا مهما فوقعت بين الطرفين مواقع ارتد فيها جيش الشريف مرات عديدات، حتى أن الجيش التركي في بعض الوقعات طاردهم حتى أوصلهم إلى ينبع النخل، ولولا قنابل مدافع المدرعات الإنكليزية التي كانت راسية في هذا الميناء ومالها من شدة التدمير لقضى على الجيش الهاشمي، ثم إنه امتد الحرب والضرب بين الفريقين ثلاث