الجبال بقدر ستة أمتار في لبنان، وهلك بسبب ذلك الصقيع في تبوك وما يليها وذلك من الثلج، وهلك بسبب شدة البرد أنفس كثيرة وحيوانات كثيرة، وبما أن الطقس جاف في الصحراء فقد تجمد الغاز وتأثر عن الدفع، وفي مدينة حائل وما يليها انكسرت مواسير المياه، كما أن منطقة الجوف وعرعر مستهدفة من البرد، وقد تأثرت، وقد أتفق أرباب أهل الخبرة بأنه لم يمرّ منذ خمسين سنة تقريبًا مثل هذا البرد، وأنه نادر الوقوع، وقد تجمدت البرك وحوالي المياه في موضع سباخ بريدة المسمى فيحان وأصبحت الحجارة لا ينتفع بها ولبثت أربعة أيام على ذلك الوضع، وبما أن المياه تجمدت تكون في وضعها كالزجاج فإنك قد تمرَّ بها وتظنها زجاجًا لا يتقدم ولا يتأخر، فلا حول ولا قوة الا بالله، ولا تظن أيها القارئ أني تجاوزت بل الأمر كان أبلغ من ذلك (١) ولا ريب أن وقوع الجفاف واشتداد البرد هكذا عقوبة من العقوبات الدنيوية التي تصيب بني آدم بسبب الذنوب والمعاصي، وفي الحديث القدسي:"لو أن عبيدي أطاعوني لأسعفهم المطر بالليل وأطلعت عليهم الشمس بالنهار، ولم أسمعهم صوت الرعد والصواعق" وتستحضرني في هذا المقام كلام الحافظ شمس الدين ابن القيم بحيث يقول: "لا تحسبن العدو غلب، ولكن الصديق تخلى عن المناصرة"، وقد ذكرنا في غير هذا الموضع الأثر المرفوع أن الملائكة تطلب في الشتاء رحمة لبني آدم.
[كائنة غريبة]
كان إنسان لدى دواجن من الدجاج، وكان يذبح الدجاجة أمامها، فقد ران دجاجة شريدة من الدجاج حنقت عليه وصاحت بأخواتها وغفلته ووثبت عليه وهو غافل بآلة حادة في منقارها فجعلت تضرب إحدي عينيه تريد أن تفقأها لكنه تمكن من الخلاص بعدما أخرت، فذهبوا به إلى المستشفى، وبعد علاج عينه المصابة
(١) إن من لم يشاهد هذا الواقع يكذب بما يخبر عنه، وقد تأثر الفقراء والضعفاء.