وفيها أيضاً تم عمل السبيل الذي يلي باب قبة زمزم بالجهة الشرقية، وهذا صنع على حساب جلالة الملك عبد العزيز، فعمل بالحجر الرخام المرمر على شكل بديع الصنع، وله ست فوهات على قدر من صدر الرجل الربعة، وهذا هو الثالث من أسبال ماء زمزم لأنا قد قدمنا ذكر اثنين، وقد صرف جلالة الملك عبد العزيز على إنشائهما وتجديده ما يربو على ثلاثمائة جنيه ذهب، وكتب على هذا الثالث، هذا السبيل أنشأه الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن السعود.
وفيها أيضاً تم تركيب الكهرباء لإضاءة المسجد الحرام، وهي التي تبرع بها أحد تجار الهند للمسجد، وهي كبيرة بقوة ثلاثين كيلو، وكان تمام التركيب في غرة ذي القعدة، وهذا المتبرع اسمه داود أتبا من أهالي رنكون.
وفيها تم طبع مجموعة التوحيد في مطبعة المنار مبتدأة بكتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، ثم بعده كشف الشبهات، ثم جملة رسائل في التوحيد، ثم كتاب الكلمات النافعة، ثم ختمت بحاشية التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ وهي المسماة "بقرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين" وكان طبعها بنفقة جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود جزاه الله خير الجزاء، وكم له من يد بيضاء تجود بمثل هذه الأعمال الطيبة، وسيأتي ذكر شيء من مطبوعاته القيمة التي من أعلاها كتاب المغني والشرح الكبير والتفسير وغيرهما.
[ذكر ثورة الدويش وأتباعه من البدو المغترين]
قد أسلفنا ذكر استعمال ابن سعود للمخترعات الحديثة لتوقف المصلحة على استعمالها، ولكن أعماله تلك ليست بمرضية لدى الدويش وأتباعه، فثاروا على ابن سعود، وكان الدويش بزعمه يظن أنه يستطيع أن يضطر ابن سعود إلى البقاء في البداوة، ويظهر أعمال الدويش أنه يحب عادات البدو من النهب والغارة، وأخذوا أتباعه يحاولون العودة إلى عادتهم القديمة لأن الطبع يغلب التطبع، كما أن بعد ابن سعود عن الرياض لما استناب عليها نجله سعود وجعله في مكانه معيناً أثار عليه الدويش ولم يرض حضارة الحجاز وتمدن أهله، وأسخطه ترحيب ابن سعود