البلدان وتفرقوا في كل مكان، وأنبت نظام الدين، وانتشرت دعاة الشياطين، فأنشأ في ذلك قصيدة خرجت عن حرارة الجوى، وباح بما لديه وقال الذين أمنوا بالله ورسوله:"متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب" وما زال وإخوانه وأحبابه موبورين حتى أغاث الله خلقه ونصر أولياءه، وأتى بأمر من عنده ونفحةٍ من نفحات لطفه، وذلك بظهور صاحب الجلالة عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود.
ومنها لما بيته اللصوص المعتدون في الموضع الذي يدعى "طلحا" فنجاه الله من شر هذه المكيدة فقال في ذلك قصيدة عظيمة بعث بها إلى المشايخ الإخوان يخبرهم كما جرى عليه، ويشكر الله على ما من به عليه من دفع الأذى وخلصه من ذلك الشر والبلاء، وهي موجودة بالديوان.
ومنها أن الله تعالى أخذ حبيبتيه وسقط الماء في عينيه، فسار إلى دكتور النصارى في البحرين، فلم يفد فيه شيئًا، غير أن لاقى الأهوال والشدائد في ركوب البحر وأمواجه وألم العلاج، وتقدم ذكر ذلك في سنة سفره، أضف إلى ذلك قلة ذات اليد وضيق معيشته في أول نشأته، فكان في كل هذه الأمور صابرًا لله محتسبًا فيما عنده، فلله دره ما أعرفه بربه وأصبره في حال الشراء وأشكره في حال السراء.
ولقد امتحن الله النجديين بتصدي العثمانيين لعداوتهم وتأليب العرب وأشراف الحجاز والمصريين عليهم، لئلا يعيدوا ملك العرب وسلطانهم الذي سلبوه منهم، فحاربوهم باسم الإسلام ونشروا الكتب والفتاوى في رميهم بالكفر والابتداع، فلذلك قام هذا الشيخ ورد على كل مفتر وأجلب عليهم وجاهد في الله حق جهاده.
[ذكر مؤلفاته رحمه الله]
كان رحمه الله آية من آيات الله تعالى في إنشاء الشعر وسبكه ووزنه والفصاحة والبلاغة.
فمن ذلك رده نظمًا على "زيني دحلان" لما أقذع والعياذ بالله في مسبة أهل هذه الدعوة، وأرخى لسانه في عيب الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فرد عليه الشيخ سليمان وشفى وكفى، وكل مؤلفاته كانت في بيان الحق وإبطال الباطل.