فأضعف الله لك الأجر يا أبا تركي وأكثر من أمثالك وإنَّه لواجب على التاريخ أن ينشر هذه الفضيلة ويسطر ما شاء من تلك المناقب ويشنف الأسماع بتلك الأخبار. وكان من مزاياه الحميدة اعترافه بأنَّه لم يتعلم العلوم ولم يرزق حظ الإِحاطة بها وهو يكرر ذلك دائمًا في معظم المناسبات ويقول:(حنا) أي نحن ما تعلمنا فيجب على الذين تعلموا أن يساعدونا ويرشدونا.
هذا وقد كان عالمًا واسع الاطلاع غير أنَّه لا يحب تزويق الكلام وتشقيق العبارات بل كانت سليقته ولهجته لهجة العلماء الصادقين السلفيين وخطبه في المواسم والمناسبات كثيرة موجودة يستشهد بالآيات والأحاديث. ومن عادته أنَّه يخطب جالسًا ويشير بسبابة يده اليمنى أو بقضيب صغير يحمله في يده على أداء ما في فكرته، ويرسل الكلام إرسالًا من دون أن يتقيد بأساليب البلغاء أو بقواعد اللغة بل يخطب بلهجة أهل نجد، وتغلب على خطبه النزعة الدينية وكثيرًا ما يستشهد بآيات قرآنية وأحاديث نبويَّة في خلالها. ولقد تغلب على الفصحاء وحيرت سياسته جميع السياسيين وخضعوا لهيبته وأقروا له بالتقدم ونظروا إليه بعين التعظيم والاحترام والإِعجاب.
[سطوته وشجاعته]
قد تمَّ له بفضل سياسة الحزم والعزم والشدة التي يسير عليها في إدارة بلاده وأقطاره الواسعة إقرار الأمن على منوال غير معروف في أعظم البلاد رقيًا وحضارة فاطمأنَّ النَّاس على أرواحهم وأموالهم في غدوهم ورواحهم حتى أصبحت المرأة تسير على قدميها وحدها بين القرى والضواحي تحمل على رأسها الأشياء الثمينة فلا يتعرض لها بن ولا فاجر حتى لقد ندر وقوع الحوادث العادية. والباعث لذلك هو يقظته الزائدة وأخذه المجرمين بالشدة والبطش الشديد بقطاع الطريق والعابثين بالأمن العام فلا يرحمهم ولا يشفق