استهلت هذه السنة والحرب مشمرة عن ساقها بين عبد العزيز بن عبد الرحمن وعبد العزيز بن متعب بن رشيد، هذا يدافع عن كيانه وذاك يريد نزع الملك منه وأخذ بلاد أبائه وأجداده، وكانت نجد كلها إذ ذاك تحت سلطان بن متعب، فما حصل خصمه إلا على الرياض وما وافقه من جريانه، فلما كثر ظلم آل رشيد وأمرائهم واشتدت أذيتهم للمسلمين في أموالهم ودمائهم لما يعاملهم به عبد العزيز بن متعب من الغشم والقهر، رماه الله عز وجل بهذا الخصم الذي ما يزال يدبر الحيلة ويجيش الجيوش حتى قتله الله على يديه بعدما خسر نصف ملكه، وفي ذلك عبرةً لمن يخشى أن يظهر هذا الشاب من بلاد الكويت في ضعف وقلة بجيش عدده أربعون رجلًا على إبل ضعيفة قليلة، فما زالت الفتوحات تترى حتى اتسعت رقعة ملكه، واستلم زمام الملك وانتزعه من يد ابن رشيد مع كثرة جيوشه وشدة بأسه وفتكه.
ذلك لما قام بالملك ابن سعود من تعظيم العلماء وإكرامهم والرأفة بالفقير والشفقة على الرعية عكس ما عليه خصمه القاسي الألدّ من الأمور الشنيعة، وكان يحتقر ابن سعود وشأنه وما كان يظنه شيئًا مهمًا كان في حساباته.
وقد كانت الملوك الحية من المتقدمين لا يؤمرون متكبرًا لأنه يستهين بالعدو ويحتقره حتى يصطلمه.
ثم إنه قام الشاب الأمير عبد العزيز بن عبد الرحمن فأغار في أوائل هذه السنة مرتين على قبائل من قحطان كانت نازلة حلبان في أطراف نجد، فأخذهم ولكنه مرض في هذه السنة، وكان مرضه في الغزوة الثالثة وهي على ماء الحسي شمالي مكان قرب الشعرى، بينه وبين الرياض نحو من ثلاثمائة ميل، أعني قدرًا من خمسة