عليك، لو قتلناه وترنا أهله وعشيرته ولا تنسى الظغائن، فها هو قد كف وأصبح ينافح عنا، وكان مكرمًا لحملة القرآن، رحيمًا بالأرامل والفقراء والضعفاء، ولم يكن سفاكًا للدم الحرام، ولا غاصبًا لما في أيدي الآنام من الحطام، ولقد أحسن من قال في مدحه:
عفيف شريف النفس للفضل عارف ... حليمٌ كريمٌ سالم القلب منصف
وقال غيره:
له في سرير الملك أصل مؤثل ... تلقاه عن أسلافه السادة الغر
هم العقد من أعلا اللآلي منظمًا ... وفيصل في العقد واسطة الدر
غدت أرض نجد تزد هي بفعاله ... وترفل في ثوب الجلالة والفخر
وكان كثيرًا ما يرسل الصدقات إلى كل بلد من بلدان المسلمين، تقسم على الفقراء والمساكين، وشديد البحث عن الأيتام والفقراء يتفقدهم بالبر والعطاء.
[ذكر ما جرى عليه من المحن والأخطار وثقته بالعزيز الجبار]
فنقول كان كثيرًا ما تحوم عليه حوائم الخطوب والآفات، ويقع في عظائم الأخطار والمهلكات حتى يدخل من ذلك اليأس على الأتقياء والأكياس، فضلًا عن عامة سائر الناس، فيجعل الله له من ذلك الفرج القريب ويمنحه الله بفضله المخرج العجيب.
من ذلك مخرجه من حبس الترك المرة الأولى، ولطف الله به في خروجه من مصر، وعناية الله به في سفره في البر والبحر، وكان ذلك في حياة والده رحمهما الله.
المخرج الثاني: الحادثة الكبيرة والفعلة الشهيرة، وهي قتل والده تركي فإنه سار من القطيف وزحف بما لديه من الأهوال حتى دخل الرياض، وسلّ سيفه وشهره والتجأ إلى ربه فنصره، حتى جرع الباغي ريب المنون وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحسبون، هذا مع شدة احتراز عدوه بالعدة والعدد فما زال به حتى قتله في حصنه.