ومعجبًا بغيرته على مصالحة العرب ولطفه، ولما كان في ليلة الاثنين تناول المندوب السامي طعام العشاء لدى الملك ابن سعود وتحدثا طويلًا، فلما كان من الغد نهار الاثنين ٢٥ رمضان أقلت باخرة ابن السعود جلالته إلى مياه البحرين ليستقل الزورق إلى العقير، إلا أن الرياح حالت دون ذلك، فانتهز ابن السعود الفرصة لزيارة شيخ البحرين عيسى بن خليفة إذ بين أمراء البحرين وآل سعود صلات ودية كبيرة، فلما مضى صاحب الجلالة عبد العزيز يصحبه حرسه إلى البحرين استقبلته جموع كثيرة من أهلها، ولبست البحرين أبهى حللها استقبالًا للملك العربي الكبير، وسارت الجماعات تحييه وتهتف بحياته هتافًا عاليًا، وبعدما التقى بالشيخ عيسى بن خليفة كان موقفًا من أجمل الواقف، ومرَّ بدار القصيبي تكريمًا لهم، ثم استقل الزورق إلى العقير.
[ثم دخلت سنة ١٣٤٩ هـ]
استهلت هذه السنة والدولة التركية يرأسها مصطفى كمال وقد فصلت الجمهورية الدين عن الدنيا وألغت القوانين القديمة واستبدلتها بقوانين ونظم جديدة مقتبسة من القوانن الأوربية الحديثة، وصارت الجمهورية علمانية لا دينية، وكان يبلغ عدد سكان تلك المقاطعات أربعة عشر مليونًا، ولا يزالون في ازدياد، وكان ولي عهد السلطة العثمانية "محمد السادس وحيد الدين" لا يزال يشنع على مصطفى كمال، وذلك بعدما تغلب عليه ونازعه فغلب مصطفى حزب الخليفة محمد وصارت السلطنة بيد مصطفى، وها هو ذا بلباسه ورسمه الجديد أوربي متلبسًا بالمدنية الغربية، أوصافه:
مربوع القامة إلى الطول أقرب، عريض الكتفين، نحيف اليديين والساقين، أزرق العينين، حاد النظر، قصير الشارب، مهيب الطلعة مشرب الوجه بحمرة، له قوة إرادة وثبات عزيمة وإقدام واستقلال بالرأي، ثابت في اللقاء، صريح لا يعرف المداهنة، يجهر بآرائه ولا يهاب كبيرًا ولا يخاف عظيمًا.
وكان على اليمن وأعمالها الإمام يحيى بن محمد حميد الدين.