حتى مسحها وأزالها من عالم الوجود، وتقدم المارشال رومل يسحق الجيش البريطاني الثامن سحقًا ويطرده من الصحراء الغربية ويقف عند العلمين على بعد سبعين كيلو مترًا من القاهرة والاسكندرية، وكان النصر إذ ذاك حليف ألمانيا إذ كانت قد أعدت لهذه الحرب الضروس عدتها سرًا من سنين خلت في غفلة الدول جميعها ورصدت لها مجهودات أبنائها عمالًا وصناعًا ومخترعين ومحاربين، وظل هتلر الطاغية في أوجه تنشر أنباء انتصاراته في جو مشبع بالرهبة والذعر، وتروي الأخبار عن عجائب آلاته الميكانيكية التي لم يسمع بمثلها، حتى غزت هذه الأخبار القرى واقتحمت كل مملكة، وسولت له نفسه أن سيسيطر على العالم، فلم يبقَ إلا الاستسلام له أو رد كيده.
[ذكر جهود بذلتها بريطانيا أمام تلك الأهوال الساحقة]
لما كادت بريطانيا بعد أن جابهت عدوها الظافر الشديد المراس تكون عزلاء من السلاح قبضت الأقدار لها أن يمسك بزمام أمورها في أحلك ساعات الشدائد بطل صنديد وهو تشرشل، فأعلن أن بلاده ستقاتل هتلر حتى تنتصر أو تموت كريمة في ساحة الهيجاء، فاشتعلت مصانع بريطانيا الحربية ليلًا ونهارًا لإنتاج ما كانوا في أمس الحاجة إليه من عتاد الحرب، وجندوا على الفور جيشًا كبيرًا، وكان هتلر قد ظهر بمظهر المنتصر وأعطى بريطانيا فرصة للتسليم قبل أن يقضي عليها نهائيًا، وكان قد توسع في فتوحاته فزادت مساحة ألمانيا من ١٨٠.٩٧٦ ميل مربع إلى ٣٢٣.٣٦٠ ميل مربع بالأضانة إلى ٢٩٠.٠٠٠ ميل مربع من الأراضي المحتلة غير الملحقة، وكان تحت تصرف هتلر أربعون ألف طائرة و ١٨٠ غواصة، ولما رأت بريطانيا خطورة الموقف بعثت تستصرخ الولايات المتحدة، ولقد تشجع موسوليني فجرد حملة كبيرة مكونة من ٣٠٠ ألف جندي بقيادة المارشال جراذياني عبرت حدود مصر في سبتمبر ١٩٤٠ م، وواصلت زحفها جنوب وادي النيل، ولكن الجنرال ويغل قائد القوات البريطانية أوقف زحف الإيطاليين عند سيدي براني.