للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في ظهر ١٥ رمضان سنة ١٣٣٧ هـ أمرتني حكومة جلالة الملك أن أبلغكم بأن تعودوا إلى نجد حالما يصل إلى يديكم كتابي هذا وتتركوا تربة والخرمة منظقة غير مملوكة حتى مفاوضات عقد الصلح وتحديد الحدود، وإذا أبيتم الرجوع بعد الاطلاع على هذا الكتاب فحكومة جلالة الملك تعد كل معاهدة بينكم وبينها لاغية، وتتخذ ما يلزم من التدابير ضد حركاتكم العدائية، وبالعكس تقدر عملكم إذا عدتم وتعتبر أنكم قمتم بحقوق الود والولاء وأخذتم بنصائحها الودية لأنها تعد الجميع أصدقاء لها، وهي تأسف أشد الأسف لما وقع بين أصدقائها سواء أكان النصر في جانبكم أو في جانب الحسين.

وما كاد ابن سعود يتم قراءة الخطاب الوارد عليه من السفير البريطاني إلا وهو ينادي بالرحيل في قومه، وغادر تربة والخرمة عائدًا إلى نجد، ورد على السفير وسلم رسوله الرد، وبارح تربة ميممًا بلاده حشية أن يكون سببًا في تدخل الأجانب في الحرمين، ولم تكتف بريطانيا ببعث ذلك الخطاب خوفًا من بأس ابن سعود وعدم إذعانه لنصحها بعدما حازه من نصر، فبادرت بإجابة طلب الحسين وأحضرت بواخر حربية رست في ميناء جدة تحمل كمية من المعدات والطائرات، وهمت بإنزال معداتها في رصيف خاص سمي سقالة الإنكليز.

ذكر الوباء (١) ومن توفى في هذه السنة

هذه السنة يؤرخ بها أهل نجد ويعرفونها بسنة الرحمة، لأنه وقع فيها طاعون والعياذ بالله، وهلك بسببه في قلب الجزيرة العربية ألوف من الأنفس البشرية، وكان عظيمًا، وفشى الرض في الناس وقلِّ من يسلم منه، وقد ذكر لنا عن شخص أصابه


(١) وكان وقوع الوباء في أوائل هذه السنة، وكان عامًا في نجد والإحساء والعراق وجميع المدن على الخليج العربي، واستمر ثلاثة أشهر والعياذ بالله، وبسببه هجرت مساجد وخلت بيوت من السكان وهملت المواشي في البراري، فلا تجد لها راعيًا ولا ساقيًا.