الجميلة ولا يصل إلى سره أحد، هذا وفيه انقباض وقلة عشرة في الغالب، والله يغفر له، ولولا الإخلاص للتاريخ والالتزام بالصدق لما ذكرت ذلك، ولكن لا بد لشخص يقوم في مقامه أن يكون مرًا في بعض الأحيان لئلا يجترئ الجهال عليه، لأنه لا خير في حلم لا يكون له بوادر من القوة تحمي الحمى عن جراءة اللئام، وناهيك بقوته وشجاعته، فقد كان شجاعًا مقدمًا فيصلًا يوقف كل معتد عند حده، ولا يصغي إلى الغيبة والقيل والقال، ويبغض النمام ولا يحب أن يذكر عنده أحد بسوء، فإذا أخذ من حوله بالقيل والقال قطع كلامه وقال هات ثمرة الكلام ودع ما لا يعنيك، وكثيرًا ما يقول أئت بالشاهد، وكان يأكل تحت يده أيادي كثيرة، ويحتشم أقرباؤه لحشمته، ويكرمون لكرامته، وإذا دعي إلى مأدبة أو تكرمة خاصة به فلا والله لا يهيأ للملوك ولا الأمراء مثلها، ومن عادته أن يستجيب لدعوة أهالي الخبوب وقت الثمار في القيظ للنزهة والفسحة والنظر المباشر في المشاكل، فكان إذا واعدهم يتهيأون ويرتقبون لمجيء الشيخ، ويعدون المجالس والفرش والخيرات والأنعام، فإذا كان بكرة النهار خرجت الأمة من النخل والمساكن يستقبلونه الشيوخ قبل الشباب والكهول، وقد تخرج المخدرات من بيوتهن والعوتق من خدورهن فرحة بقدوم القادم، ويتطلعن من السطوح والأبواب والنوافذ، فلا إله إلا الله لا ترى إلا غبرةً تثور وأولئك الشيوخ يتوكأون على العصي، والطيب والبخور يستقبل به، ومن الفقراء من يبكي ويمسكون بأشلائه يا شيخ إذا لم نحصل على جلوسكم في بيوتنا فلا نحرم من أن تتوضأ من الماء أو تمر مع السوق، فتشبع الفقراء بسببه وتخصب أرضهم ذلك اليوم، وقد يستمسك به المسلمون فلا يدعونه يرجع أسبوعًا كاملًا محبةً وطلبًا للشرف في حله بين أظهرهم.
[الباب الثامن: في جوده ومكارم أخلاقه]
كان سخيًا كريمًا جوادًا مبذالًا، فلذلك ترى بيته كأنه قصر حاكم، إذا خرج من المسجد مع طلوع الشمس ففي معيته جماعة من المسلمين فيدخل الديوان في بيته