وكان في مدة رئاسته لجمهورية تركيا لا يتجاسر أحد على معارضته ولا يرتفع في وجهه صوت، ولقد قام بتركيا بعناية فائقة بترقية اقتصاديات بلاده وتعزيز الصناعات، فأنشأ ٤ معامل للسكر، و ٣٢ معملًا لنسيج الحرير والجوخ، و ٨ معامل للكبريت، و ١٩ للكحول، و ٨٠ للتجارة، كل ذلك من دون أن يستقرض قرشًا واحدًا أو يهيب امتيازًا لأجنبي.
وبالجملة فإنه عمر الدنيا وأعرض عن الدين، فلا حول ولا قوة إلا بالله والله المستعان، وفي هذه السنة غشت الآفاق ظلمة بدون رياح، بل أقبلت الظلمة من الجنوبي الغربي فكانت الدنيا كأنها فحمة في السواد، واستمرت كذلك عشرين دقيقة فوقفت الدواب عن السير وما استطاع أحد السير لأن الإنسان لا يبصر صاحبه إلى جنبه، وكان ذلك في ابتداء الساعة الثانية ليلًا من إحدى ليالي ربيع الأول في فصل الربيع، ثم تجلت الظلمة والله على كل شيء قدير.
وفيها عادت القضاة والأئمة المبعوثون إلى اليمن من نجد بعدما لبثوا هناك أربع سنين، وبما أنهم طلبوا من الحكومة الرجوع إلى أهاليهم لطول الغياب واختلاف الهوى الذي أملهم، فإن الحكومة سمحت لهم بالإياب وبعثت بأناس كيرهم، فمن هؤلاء الشيخ محمد بن عبد الله التويجري، ومنهم الشيخ عبد الله بن يوسف، وعبد العزيز العريفي فمسكوا أعمالهم.
[ذكر الحرب العالمية الثانية سنة ١٢٥٨ هـ ١٩٣٣ م]
كانت ألمانيا قبل هذه السنة بإحدى وعشرين سنة مهزومة ذليلة وذلك لأنه بعدما انتهت الحرب العالمية الأولى وعقدت معاهدة فرساي وميثاق عصبة الأمم، وعادت هذه الدولة مغلوبة ولم تحل مشاكلها بل زادت عليها مشاكل جديدة مثل التعويضات، وديون الحرب، ونزع السلاح، والأمن الاجتماعي، والأزمة الاقتصادية، والبطالة المنتشرة على نطاق واسع، ولما كانت بهذه المثابة وافق أن الرئيس هندنبرغ قد بلغ من العمر ستًا وثمانين سنة، فعين هتلرًا مستشارًا وذلك في ٣٠ يناير ١٩٣٣ م، وكان هذا المنصب هو أعلى منصب تنفيذي في ألمانيا، ويماثل