لما كان في حكمة الله أنه لا قوام للدين ولا الدنيا بل ولا للعالم إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذ به تستقيم البلاد وتصلح العباد، ويرتدع أهل الفسق والفساد، اقتضت إرادة صاحب الجلالة أن يجعل في كل بلد أمةً يأمرون المعروف وينهون عن المنكر، امتثالًا لأوامر الله ورسوله، وإذا كان الأمر كذلك فمن أولى بهذه المهمة من مدينة عظمى امتلأت بالسكنى والجنود واختلط فيها الشامي باليمني والعراق بالحجازي، والعربي بالأعجمي، والأحرار بالعبيد، فجمع الملك أيدّه الله لذلك العلماء والزعماء والكبراء، وباح بما لديه من جهة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنه لا بد من جعل هيئات تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وبعد سؤال وجواب انتدب صاحب الجلالة لهذه الخطة صاحب الفضيلة الشيخ عمر بن حسن بن حسين آل الشيخ رئيسًا لهذه الهيئات، ذلك لما قام بهذا الشخص من المؤهلات التي قضت له بأن يكون موضع الثقة والأمانة لهذه البضاعة، ولما أن عيّنه في هذا المقام تعهد له بالمساعدات الفعلية سواء ثبت الأمر على شريف أو وضيع مع تأمين معيشته، ومن كان في معيته من الأعضاء؛ وضم إليهم جنودًا وقوة، فقام الشيخ بما وسد إليه خير قيام، وانبعثت تلك الأعضاء، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويصلحون في الأرض، {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ}؛ وناهيك بهذه الخطة شرفًا، وكان الشيخ عمر يقيم الحدود ويجلد ويسجن ويعزر؛ ولو ذكر ما يقاسيه لضاق الموسع، ومن كلام صاحب الجلالة له أن قال يميني هذه وأشار بها معك مسلولًا بها سيف للشرع فتوكل على الله.
وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لتأخذن على يد السفيه ولتأطرنة على الحق أطرًا أو ليوشكن الله أن يعمكم بعقوبة من عنده"، وما ضعفت القوة ولا سقطت الدول وخربت البيوت ودمرت الأمم إلا بسبب التغافل عن المعاصي وأهلها، وعدم