أما عن الشهم عبد الله بن سليمان بن عيسى فقد رجع إلى وطنه ومسقط رأسه مدينة بريدة واتخذ مزرعة واسعة النطاق في وادي الرمة في الجهة الشرقية الجنوبية وعاش بها حتى توفاه الله فيها لأن المؤمن يحب وطنه وحب الوطن من الإيمان.
[إقامة السوق المركزي في مدينة بريدة]
لما تقدمت المدن في هذا العصر وقامت تتفاخر بالزينات في مداخلها ومخارجها بإقامة شلالات ترفع المياه وتضعها ونصب رموز عن كرامة العرب وما يسمعونه أولًا من المباني وأباريق القهوة والقدور والصواني بحيث ترفع هذه الرموز فوق قواعد لترى بضخامة وحسن وضوح فقد وضع في مدينة بريدة سوق بعدما هدمت مئات البيوت المقامة من الطين واللبن وذلك في قلب المدينة الأولى الذي كان يقع في جنوبها بحيث أزيل ثلاثون شارعًا وما على ضفتي الشوارع من البيوت وجعل مكانها البالغ في السعة قدرًا طويلًا عريضًا وبنيت فيه مظلات مسلحة هذه للحوم وأخرى للبطيخ وساحة للتمور وأصبح ذلك السوق من أكبر الأسواق في الشرق الأوسط وجلب إليه أنواع الفواكه والخضراوات من اللوبيا والكوسا والباذنجان والقثاء والبطاطس والمنجا والملفوف والخيخان والمشمش واليقطين بأنواعه والبرتقال والتفاح والكمثرى والموز وفواكه الهند ومصر والشام واليمن بأنواعها كان ذلك السوق في مدينة بريدة لا يكاد يفقد فيه مما تطلبه النفوس وجلب إلى ذلك السوق أنواع الكماة والأقط والسمن.
فأما ما كان من الخضروات فتباع بأقيام زهيدة لكثرتها وأما السمن فأحضر من الأسواق بحيث بلغت قيمة السمن إلى قدر عظيم في الغلاء وأصبح ذلك الميدان الذي كان من قبة رشيد المعروفة شمالًا إلى منقى حيالة ربيشة جنوبًا موضع مكان إيقاف الأقدام من كثرة من يرد عليه من الزبائن وكانت السيارات تحمل مما في ذلك السوق وتذهب إلى البيوت والضواحي والقرى والمدن التابعة لمدينة بريدة من عقلة السبلة غربًا إلى مدينة الزلفى شرقًا ومن هجرة الصقور وساجر جنوبًا إلى قرية