ابن رشيد فيها، فقتل أكثر رجالها، وانهزم الباقون وهربوا فارين، ثم طاردت الخيل السعودية خيل ابن رشيد حتى أوقفتهم في الخبراء، فرحل ابن رشيد منها إلى الرس، فهجموا على بواديه وغنموا عددًا كبيرًا من الإبل، ثم نزل ابن رشيد في الشنانة على مسافة ساعة من الرس جنوبًا فنزل ابن سعود في الرس، ثم إنه قام ابن رشيد فنصب مدافعه على الرس وجعل يضربها كما ضربها إبراهيم باشا في طليعة القرن الماضي، وما أشبه الحالتين، فدافع أهل الرس على عادتهم في الشجاعة حتى الرمق الأخير وثبتوا ثباتًا عظيمًا.
[ذكر واقعة الشنانة وما جرى من ابن رشيد]
لما طوق ابن رشيد الرس بالحصار وشدد الوطأة عليها، هلك أمير الرس في أثناء الحصار، ومع موته وتوالي ضرب القنابل عليها فإنها لم تسلم، واستبسل أهلها وثبتوا في سبيل الدفاع عن أنفسهم لخوفهم من فظاعته وظلمه إن تولاهم، وكان ابن رشيد قد استنزل قائدًا من قواد الرس يدعى ناصر بن الخالد الهديان بالعهد والميثاق، فلما قبض عليه قتله غدرًا ومن معه بضعة رجال، فأقام عبد العزيز بن عبد الرحمن في الرس ثلاثة أشهر من تاريخ منتصف جمادى الأولى إلى تاريخ منتصف شعبان.
هذا وابن رشيد في الشنانة ولم يكن في غالب هذه المدة بينهما مزاحمة، إنما هو مناوشات بالخيل ومطاردات حتى ملَّ الناس من تلك الحال، فقد أنتنت الأمكنة من جثث القتلى، وانتشرت الأمراض الوبائية الفاتكة بين العسكريين والسيف أعظم فتكًا من تلك الأمراض الوبائية، فعند ذلك قام البدو يتفتلون كل عن أميره لأن ذلك الوقت هو فصل الربيع يريدون أن ترعى مواشيهم وتسمن استعدادًا للقيظ، وصاحوا بالضرر كلٌ يشكو إلى أميره، فلما أحس ابن سعود بذلك أرسل رسولًا من قبله إلى عبد العزيز بن رشيد، وهذا الرسول هو فهد بن علي الرشودي، وكان فتىً ندبًا عاقلًا وذا رأي سديد، ومن أكبر أعضاء أهل بريدة، بعثه ابن سعود يدعو عبد العزيز بن رشيد إلى الصلح والهدنة، وكان ابن سعود يعلم بعناد ابن رشيد