وتصلبه وجبروته، وهكذا كان فقد قابل الرسول بالاستهزاء والسخرية والوعد والوعيد لأهل نجد.
ولما سار الشهم فهد بن علي الرشودي إلى ابن رشيد، احتاط لمجيئه وصف له الجنود والعساكر، وأظهر القوة وناهيك بهيبة ابن رشيد نفسه، فقد كانت رؤيته تفطر القلوب، ولما وصل إليه الرسول أصابه ضجر وفزع شديد، فأخذ عبد العزيز بن متعب بالحديث مع من حواليه حتى سكن جأشه واطمأن به المجلس، ثم التفت إليه قائلًا: أيها فهد ما الذي عندك وما لديك؟ فاجابه قائلًا: أيها الأمير نريد الصلح فقد أسرع الهلاك بالمسلمين، فأجاب ابن رشيد بقوله: عجبًا لكم يا فهد، هذا ابن سعود دعنا منه طالب ملك، ولكن فأنتم ما الذي حملكم على مقاومتي، وأنتم رعية لي أو لابن سعود؟ فتكلم فهد بن علي يقول: يا عبد العزيز فعلت بنا أمورًا لا يمكن الصبر عليها، فوالله إن صياحًا (١) أخذ أموالنا وأثاثنا وأثقل ظهورنا بالضرائب، وكل يوم وقد ضوعفت علينا المظالم حتى عجزنا عن الدفع، ولما اعتذرنا بالقلة ونفاد الأموال كان جواب صياح لنا أن قال:(أجروا فروج نسائكم واكتسبوا المال) فهل بعد هذا خزي أيها الأمير يا عبد العزيز ما فعلنا نحن مقاومة إنما أنت فعلتها بنفسك، فغضب ابن رشيد وأنكر ذلك، ثم قال: وما يقع عليه الصلح يا فهد؟ فقال إذا رأيت أن تترك لابن سعود العارض والقصيم وتدوم على ملكك، فأجاب يقول: بعد حلفه بالله العلي العظيم: لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتك، أيرضى ابن رشيد بأن يقصر على طابة وموقق ويكون نجد لصاحبكم، ثم ضحك متهكمًا ومتهددًا ومتوعدًا، وقال من يبغى حكم نجد فليكن ذا اصطبار وهل يصالح من بيده قوة الدولة، فوالله لا صلح قبل ان أضرب بريدة وعنيزة والرياض ضربةً لا تنساها مدى الدهر يا فهد ما جئتكم بهذه الجيوش والنظام أبغي السلم، ولكن
(١) صياح هذا خادم لابن رشيد مشهور بالظلم والجبروت، بل تضرب الأمثال بجبروته، وكان مشهورًا من بين قومه في بريدة.