للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر تصميم صاحب الجلالة على القتال]

لما رأى ابن سعود أن الشعب كله ضد الدويش ومن تبعه وأنهم لا يزالون في تماديهم وطغيانهم زحف بموكبه العظيم إلى بريدة عاصمة القصيم في هذه السنة ومعه مائتا سيارة فنزل في قصر الحكم فيها ووزع بعض البيوت التي كانت معه في بيوت من بيوت أهالي بريدة وجمع الرؤساء وخطب خطبة بليغة عدد فيها محاسنه ومقاماته في الإسلام وجعل يدعو على نفسه إن كان غاشًا للمسلمين، وأنه نصر علماء الإسلام ورفع قدرهم وأذل ضدهم وقتل طاغية من الطواغي حينما قام يسعى ضدهم ويستجيش عليهم كل هذا نصرة للدين، ثم أنه بعث صاحب الجلالة إلى العدو في مكانه حضرة الشيخين الفاضلين عبد الله بن محمد بن سليم، وعمر بن محمد بن سليم وأمرهما أن يبذلا في نصيحتهم الجد والاجتهاد فذهب الشيخان على راحلتين إلى البغاة في "الصريف" للمفاوضة وإزالة سوء التفاهم ولما شرعا في الوعظ والتحذير من البغي جعل الدويش يضرب بيده على بطن الشيخ عبد الله ويقول: "يا فلوس انطقي" أيها الإخوان إن ابن سعود كذاب ومشايخه يتكلمون بما يريده فانفض المجلس عن غير فائدة وعقد مجلس آخر يكون خاصًا بالليل يحضره العلماء والأمراء فجلسوا وانفض المجلس عن غير شيء، وبينما الشيخان ينتظران الجلسة الثالثة الموعود بها صباحًا إذا البغاة يشدون راحلين ونبذوا العلماء ونصائحهم خلف ظهورهم فرجع العالمان الشيخان يشكوان إلى الله حالهم.

وكان قد رأى رجل من الصالحين في تلك الآونة في منامه "كأن الأسواق مملوءة دمًا" فعبرها معبر بأنه سيجري ملحمة بين المسلمين، وحدثني الأخ الفاضل عبد المحسن بن عبيد قدس الله روحه قال سمعت تكبير حميدان وهو في ناحية المسجد، وحميدان هذا أعرابي جاء يتعلم القرآن والسنة ويتردد بين أهل العلم للتعلم وكان محبًا لأهل الدين سمحًا ذكيًا قال فلما سمعت تكبيره أتيت نحوه فسألته عن ذلك الفزع فقال رأيت في النوم بيوت الشعر تدور على الإمام