للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمة الإِسلامية تنعي فقيدها الأعظم

البقاء لله وحده وكل شيء هالك إلاَّ وجهه. لقد مات صاحب الجلالة الملك العربي عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود وأصيبت الأمة بفقده الملك الذي نشر التوحيد وأعزه وهدم الأوثان والقباب والذي شهرته كنار على علم، هذا البطل الهمام الذي افتخرت به الأواخر على الأوائل وصدق عليه قول الشاعر:

الخيل والليل والبيداء تعرفني ... والسيف والرمح والقرطاس والقلم

مات عبد العزيز الرجل الذي قاد السفينة بأمته في خضم الأحداث حتى ألقت مراسها على ساحل السلامة وبرِّ الأمان. مات عبد العزيز فتصاعدت في صمت الليل الرهيب آهات الأيامى وشهقات الثكالى وزفرات المنكوبين. مات عبد العزيز فانتشرت على خد الزمن دمعة الإِسلام على حاميه وشقت العروبة جيبها على راعيها وسيدها وابن بجدتها. أجل مات ملك كانت حياته تاريخًا يشع بالنور وتكتظ جنباته بالفضيلة والكرم والفداء. مات الرجل الذي أشاد بحنكته وأصالة رأيه أساطين السياسة فامتدحه روزفلت وتشرشل في لقائهم التاريخي الشهير. مات عبد العزيز الذي قال عنه رئيس دورة هيئة الأمم المتحدة ساعة نعيه: إنَّ جلالة الملك عبد العزيز من أعظم الرجال المكافحين عن مبادئ هيئة الأمم فمن كعبد العزيز ملك ظلت حياته حتى آخر لحظة مُلكًا لغيره فأقام بحدِّ السيف مملكة واسعة الأرجاء رخية العيش مرهوبة الجانب آمنة السّرْب. مات عبد العزيز الرجل الذي أنس أعداؤه ضغينتهم فاشترى قلوبهم بالحب واستقرَّ في أعماق نفوسهم بما كان يوليهم إيَّاه من عطف ورعاية وكرم. مات عبد العزيز الرجل الذي كان موته فاجعة تتقاصر دونها الفواجع ونكبة دونها كل النكبات وخسارة لا توازيها خسارة. رحمك الله يا عبد العزيز وأسبغ عليك من عفوه ورضاه قدر ما رقأت من دموع وشبعت من بطون وقدر ما قمت الليل عابدًا متهجدًا وقدر ما كنت