العالمين ولا يبقى بعد ذهابهم وخلو الأماكن منهم من يحافظ على طريقتهم ويتمسك بآثارهم في ثباتهم وصدق عزيمتهم وجمع صفات الرجولة من سياسة إلى ذكاء وفطنة وحب للخير وعطف على النَّاس. وكان لما أن رجع من الرياض يحمل نبراس العلم ومشعل الطريقة المحمدية عينه الإِمام عبد الرحمن الفيصل قاضيًا في منطقة سدير وملحقاتها وتمَّ ذلك بمشاورة بين الإِمام وبين مشائخ عبد الله العنقري الذين توسموا فيه الذكاء وعرفوا قدره بما أصبح به موضع العناية من مشائخه. وكان لم يرغب في العمل على وجه العموم وإنَّما كان يود لو يمضي حياته في التحصيل بعيدًا عن العمل ومشاكله. ولكنه تحت الإِلحاح من مشائخه ومن الإِمام رحمه الله تقبل ذلك وهناك استمرَّ قاضيًا مدة ست وثلاثين عامًا يتنقل بين المجمعة وبين قرى سدير المختلفة. هذا ولم يكن القضاء ليشغله عن التعليم والعلم فقد كرس أوقات فراغه للتدريس في المسجد أو في بيته لعدد كبير من الراغبين. هذا وقد كان عدد كبير من تلامذته يشغلون مناصب قضائية وبعضهم رغب عن العمل بعدما قضى واجبًا عظيمًا في الفتيا والقضاء.
وبالرغم من كثرة أعماله فإنَّه كان في أثناء توليه القضاء ينتدب لبعض الأعمال المتعلقة بشؤون الإرشاد والقضاء والفصل بين المتنازعين كما انتدبه الملك عبد العزيز إلى الأرطاوية ليقوم بدرجة الموجه والمرشد، وقد يقيم في الانتداب الشهر والشهرين ليبت في المشاكل المعلقة.
[مكانته في العلم]
أمَّا مكانته في العلم فقد حلَّ ذروة السنَّام بحيث كانت النفوس تقنع بفتاويه ولهذا كانت رسائله مضمومة إلى رسائل أئمة الدعوة كما نجدها منشورة في مجموع الرسائل والمسائل النجدية. فمن أحب أن ينظر إلى سبقه ومكانته في العلم والدين فليراجعها ويسرح أفكاره فيها فإنَّها تفصح عن