قدر هذا العالم وما منَّ الله به عليه من الدراية وقوة الملكة. ولقد كانت النصائح والرسائل الموجهة إلى الأمَّة باسم العلماء من أئمة هذه الدعوة الإِسلامية من علمائها المتأخرين مفتتحة باسمه في جملة أسمائهم إذ يعتبر أنَّه من أعظم أئمة هذه الدعوة كما مرَّ بنا في هذا التاريخ وكفى بها شرفًا، وكان لديه مكتبة حافلة بالمخطوطات والكتب النادرة واستطاع أن يبذل جهودًا جبارة في إبراز كتاب المغنى لابن قدامة بحيث سعى في استحصال بقية أجزائه من البلاد الأخرى ومن سائر المملكة حتى حصل على نسخة كاملة وسعى في طبعه مع الشرح الكبير لدى جلالة الملك عبد العزيز، فطبعا معًا، وقد أشرنا إلى طبعهما فيما سبق فكان له اليد الطولى في نشره ورأيت له رسالة جمعها نصيحة للأمة بمناسبة صلاة الاستسقاء بيَّن فيها الأشياء التي تمنع نزول المطر من السماء كمنع الزكاة والاستخفاف بالصلاة والشحناء، وبين فيها مضار التتن الذي ابتلى الله الأمة به وكيف أقدم الجهال على تناوله وهو محرم ويلتحق بالخمر. وقد نصح وأبلغ في تحريم المسكرات وكان حريصًا على نفع الأمَّة وبذل الفوائد لطلابه الذين نفعهم الله به وعلى إيصال العلم إليهم وعلى استفادتهم من الوقت، ويحذرهم من الكسل والتشاغل عن العلم ويلهج دائمًا بهذه الكلمة "الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك"، فهي نصيحته الدائمة. وقد ظهرت هذه التوجيهات على تلامذته وزرع زرعًا فأخرج شطأه واجتنيت ثمراته، فنجد غالب تلامذته مجدين ومجتهدين كالشيخ عبد الرحمن بن قاسم والشيخ حمود التويجري والشيخ عثمان الحقيل وغيرهم. ومن مؤلفاته حاشيته على الروض المربع شرح زاد المستقنع، وقد طبعت مرات وبرزت في ثلاثة أجزاء وكانت جوهرة الزمان أتى فيها بالعجب العجاب. وقد رأيته يطوف بالبيت الحرام في آخر حجة حجها قدس الله روحه، وقد بلغ من الكبر عتيًا وأرهقته الشيخوخة. فرأيته فاضلًا سكينًا يعلوه الوقار وقد نحل جسمه وضعفت بنيته