استهلت والدويش وأتباعه قد صعب أمرهم وازداد شرهم قولًا وفعلًا، ويمرون على بلدان نجد والقرى فيقتسمونها إذا غلبوا بعد ذلك ويزعمون بأنها قصور شامخة أسست على غير تقوى فيجيبه صاحبه بقوله بشر المسلمين بهذه الغنائم غدًا نأخذها منهم، لأنهم يرون أن أهل نجد كفار.
أيا عجبًا لك يا فيصل الدويش ماذا عملت من السوء وفعلت من الأفعال الذميمة وسلكت من الطرق التي كانت غير مستقيمة، شققت العصا وفرقت الجماعة وعصيت إمام المسلمين وخرجت على الرعية والأجانب تقتل برها وفاجرها، هذا وأنت بزعمك تريد رضا الله نعوذ بالله من الجهل.
أما أمير الغطغط سلطان بن بجاد فما كنت أظن قصده إلا حسنًا واجتهادًا وليس كل مجتهد مصيبًا، وكان سلطان بن بجاد بن حميد عبدًا تقيًا حمله الجهل وغرور الدويش على أن انتظم في سلكه وسلك مسلكه، ولقد حدثني بعض الأحباب من طلاب العلم الموسومين بالدين والفضل أنه ذهب إليه أثناء ثورته ليعظه وليرده عن قصده وكان ذكره يملأ المسامع قال فلما وصلت هجرته سألت عن قصره ومحلته فدللت عليه فلما دخلت إلى المجلس العام رأيت الرجال الكثيرين غارقين بالسلاح وما أرى من بينهم رئيسًا وكنت لا أعرفه شخصيًا قال فسلمت وجلست وكان إلى جنبى رجل قليل اللحم دقيق الأطراف عليه سمت وتواضع فسألته عن الأمير سلطان بن بجاد فأشار إلى بعض الحاضرين أنه هو، قال فعجبت من مجلسه في طرف القوم فقلت له: يا سلطان اتق الله عز وجل وخفه واحذر من عقوبته ولا تغرنك الدنيا وزخرفها واعلم أن الله لا يفوته هارب ولا يعجزه مغالب، وراقب عقوبته فإن عاقبة البغي وخيمة واعلم أنما أريق من قطرة دم في هذه المحنة بسبب ثورتكم على إمامكم سواء كان ذلك منكم أو من المسلمين فأنت المسؤول عنها بين يدي الله عز وجل لأنك السبب في ذلك، قال فما استتم كلامي حتى بدرته العبرة وذرفت دموعه على صدره وجعل يقول:"كيف أصنع إن قمنا ضربنا السقف وإن جلسنا أكلتنا النار" قال فحسنت به ظني وعلمت إنه مغرور.