لما أراد الحسين الشريف الثورة على الأتراك زار بعد صلاة الجمعة الدور الرسمية ولاطفهم وحثهم على المواظبة في أعمالهم، وأظهر لهم مودته للحكومة العثمانية حتى إذا سمعوا أنه يريد الثورة لا يصدقون، فلما كان فجر السبت الموافق ٩ شعبان سنة ١٣٣٤ هـ في الساعة التاسعة تزيد اثنتي عشرة دقيقة أعلن الثورة بتنفيذ طلق ناري كان علامة لذلك، فقامت على أثره البدو وبعض الأهالي يطلقون النار من أربع جهات، فأخذ الأتراك التدابير وثبتوا في مراكزهم لكنه ما ظفر الشريف إذ ذاك لا في أسر ولا استيلاء، أما بلدة جدة فقد اتفق الإنكليز على ضربها ذلك اليوم، فضربت بوارج الإنكليز جدة وألقت قنابل مدافعها على الثكنة العسكرية ليلًا في الساعة الثالثة من ليلة ١٠ شعبان، واستمر الحصار لها من البر والبحر جاءها جند الشريف برًا بقيادة الشريف محسن بن منصور، وجاءها ضرب الإنكليز من البوارج البحرية.
وكان في جدة من جند الأتراك ما يقارب خمسمائة، وقد طال الحصار وما ظن أنها تلبث، زيادة عن يومين، فخابر الإنكليز في إرسال الطائرات فأرسلت له على ظهر إحدى البوارج، فطارت الطائرات وألقت مناشيرها وقنابل على مراكز الجيش تنصح وتحذر، فذعر أهالي جدة وضجت لما رأت المنشورات، فخابر الشريف أعيان البلاد وقال لهم: إن الأنكليز يريدون ضرب جده رأسًا، وأنه ليس له دخل أو مسؤولية إذا لم يسلموا له، فذهب الأهالي إلى قواد الأتراك فيها وأخبروهم أنهم يخشون على الأهالي من الخطر والضرر الذي أحاط بهم فقبلوا ذلك وسلموا جده في ليلة ١٥ شعبان سنة ١٣٣٤ هـ.
وإليك نصر المنشور بحروفه: قالت إنكلترا -وما ربك بظلامٍ للعبيد.
إلى سعادة قائد القوات التركية وحضرات ضباطه الكرام بخط الدفاع بجدة