جمال باشا وطلب منه أن يكف عنه الأمير عليًا من التدخل في هذه الأمور ففعل جمال باشا ذلك بواسطة والده وأخيه فيصل حين كان فيصل عنده في سوريا.
ولما أراد الحسين أن ينفذ خطته في الثورة أرسل لابنه فيصل يحبره بما سيحصل ورسم الخطة للانسحاب من سوريا، فاستأذن الأمير فيصل جمالًا بالخروج من سوريا والذهاب إلى المدينة فأذن للمتطوعين الذين معه ثم أذن له بعد ما قرأَ كتاب الشريف وأنه أمرهم بالتجنيد وسيشترك العرب مع عسكر الدولة وحليفتها ألمانية في الزحف على ترعة السويس إذا أسرع في إرسال الأمير فيصل إلى الحجاز فجاء ومعه عشرة آلاف ليرة وأربعة آلاف بندقية ليقاتلوا بها ويتقووا على قتال الإنكليز.
ولما أن وصل فيصل إلى المدينة اجتمع بأخيه علي واتفقا على مغادرة المدينة ففعلا، خرجا منها ليضمنوا حولهم القبائل وليستعدوا لحصارها وكان جمال باشا قد لحظ أن بوادر النهضة قرب وقتها فأرسل فخري باشا إلى المدينة ليكون قائدًا عسكريًا ويبقي بصرى باشا حاكمًا إداريًا فقط وعندما وصل فخري باشا إلى المدينة أرسل الأمير علي إليه كتابًا قال فيه: بناء على الأوامر الصادرة من أبي سيقف نقل المتطوعين إلى فلسطين.
ولهذا عقدت النية على العودة بالمجاهدين إلى مكة بدلًا من ضياع الوقت هنا وإني آسف لاضطراري إلى الرحيل بدون أن أودعك فالمرجو قبول عذري، وفي الحال تحول بمن معه من مكانهم إلى جهة غير معلومة لفخري باشا، فلما أن وصل الكتاب لفخري باشا أسرع إلى مكان نزول الشريف علي وأخيه ومن معهما فلم يجد أحدًا واتضح له حينئذ ما يجول بنفس الحسين وأولاده من الثورة وأنها أصبحت قاب قوسين أو أدنى فأخذ لذلك عدته واحتاط للأمر جيدًا، وحصن المدينة بأقصى ما استطاع وجلب إليها من الأقوات والأرزاق ما أمكن.
أما الخليفة الهاشمي فقد بعث بعد ما خرج نجلاه من المدينة بالمتطوعين إلى جمال باشا بكتاب خلاصته أنه يعتذر عن عدم استطاعته الاشتراك في الحملة على القناة إلى أن تجاب الطلبات التي طلبها في برقيته.