[شفقته على الرعية]
أمَّا شفقته وعطفه على الرعية فإنَّه قام بأمور لا يشاركه فيها أحد في الأزمان المتأخرة نسأل الله المنان أن يتولى جزاءه على ذلك بخير ما جوزي محسن على إحسانه. فمن مثله في ذلك عطفًا ودينًا وحلمًا وحزمًا وصرامةً وتواضعًا فإنَّه لآية من آيات الله وعبرة لمن اعتبر. قال الشيخ محمد بن عبد الله بن عثيمين في فتح حائل:
تدارككم حلم الإِمام وعفوه ... وقد بلغ السيل الزبى وطما البحر
فأصبحتمو عنه بنجوة منعم ... عليكم فهل يلقى لديكم له شكر
فلا تكفروها نعمة مقرنية ... فإن كفرت كانت هي الغل والأصر
فكم حول النعماء قومًا تربصوا ... فأرداهم خبث الطوية والغدر
فلولا التقى والصفح عنكم لأصبحت ... منازلكم يشتو بها الربد والعفر
وقال في فتح مكة المكرمة والمدينة المنورة:
سفر الزمان بغرِّة المستبشر ... وكسى شبابًا بعد ذاك المكبر
وتأرجت أرجاؤه بشذائه ... حتى لخلنا الترب شيب بعنبر
وتألقت في طيبة سرج الهدى ... ما بين روضة سيدي والمنبر
وتألقت من قبل ذاك بمكة ... إذ قدست من كل رجس مفتر
وتجددت من جدة أعلامه ... وتقشعت منها رسوم المنكر
وجرت ينابيع الهدى في ينبع ... هذى السعادة يا لها من مفخر
بفتوح مؤتمر الإِله لدينه ... ملك تسلسل من كريم العنصر
ليت الذي سكن الثرى ممن مضى ... من أهل بدر والبقيع المنور
نظروا صنيعك في المدينة والتي ... يهوى إليها كل أشعث أغبر
كي يشهدوا أن الفضائل قسمت ... بالفضل بين مقدم ومؤخر
ويسرهم إحياؤك الشرع الذي ... قد كان قبلك مثل روح مغرغر