وبعد أن استولى الإخوان على هذه المراكز خارج خط الدفاع تقدموا في العراء وباشروا حفر الخنادق، ثم أقاموا عندها استحكامات حصنوها بأكياس من الرمل، فصاروا يحاربون الجنود النظامية بالرشاشات والبنادق معًا، ثم تقدم الإخوان وجروا الأطواب فشرعت تضرب في آخر جمادى الثانية، ولكنه لم يتفرد فريق من الطائفتين بالمفاجئات، وقد خسرت الحكومة الهاشمية في آخر نهار ٢٣/ ٦ خسارة فظيعة، بل إنها جسيمة، ذلك بأنها سيرت طيارة للدهش والإرهاب للعدو، ولما طارت الطيارة وفيها المراقب الضابط اللاذقي والكاتب عمر شاكر يقودها القائد الروسي "تشاريكوف" واتفقوا على ضرب الإخوان ولو بقنبلة واحدة، وحينما دنوا من المعسكر وهي على قدر ألفي قدم عن الأرض انفجرت القنبلة في الطيارة فتحطمت في الجو وسقطت ومن فيها على آخر رمق وقد تلفوا وطيارتهم، وهؤلاء الثلاثة ثلم كبير في الجيش الهاشمي، فصاروا هدفًا للمنية على حالة فظيعة.
أما الإخوان فإنهم جعلوا يهجمون غالبًا في الليالي المظلمة هجمات هوجاء مستبسلين مستشهدين، وأحدثوا رعبًا وذعرًا في قلوب الأهالي، وكانوا مع ما يريدونه من الرعب للأهالي يسببون أسبابًا علها أن تسرف الجنود بإتلاف الذخيرة، وقد كانوا يقربون جدًا من الخط، حتى أن رصاص بنادقهم يقع قرب قصر الملك، وحتى أنهم قطعوا بعض الشريط وأخذوه إلى المعسكر العام، ولولا اختلاط القناصل مع الأهالي اختلاطًا لا يستطاع ضمان سلامتهم في الهجوم لكان أدنى أقدام من الإخوان يبدد شمل معسكر أهل جدة، ولكن مراعات للحالة الراهنة رأى ابن سعود تطويق جدة ومضايقة الحكومة القائمة بها حتى تضطر إلى التسلم.
[ذكر قوى الفريقين]
كانت الحكومة الهاشمية بعد تنازل الحسين قد أرسلت إلى الأمير عبد الله في عمان أربعين ألف ليرة ليبذلها في التجنيد وشراء العدد الحربية من أوربا مثل الطيارات والسيارات المصفحة، فباشر الأمير عبد الله التجنيد بمساعدة بعض الزعماء بفلسطين، فجاءت فرقة المتطوعين وتلتها فرقة أخرى حتى بلغ الجند