وشجاعتهم فلا تنسى يوم تربة وما فعلوا بجنود الشريف يوم الطائف، وما ظهر منهم من البسالة في الوقعات التي تتلاشى دونها كل قوة.
فعند ذلك أقفلت المخازن ولجأوا أكثر الأهالي إلى بيوتهم، أما المدافع الهاشمية فكانت تطلق الطلقة نلو الأخرى على الإخوان، وما كان لها من التاثير إلا غبار تثيره القنابل إذا انفجرت وما حواليها أحد من الإخوان، ثم خرجت الخيالة من بين الجبال فعادت اتجاه الخط إلى الجنوب، وظهرت فرقة أخرى في الشمال الشرقي من السهل هي خيالة التوحيد، نحو ثلاثمائة منهم، فجالوا في ذلك السهل ضحى عدة جولات، فأخذوا غنمًا وجدوها فساقوها أمامهم وهم يتراجعون، فلما كان وقت الظهر من هذا اليوم وصل النجاب من ابن سعود يحمل ذلك الجواب الهادم لما تقدمه من الأجوبة السلطانية، فرجع السيد طالب النقيب بخفي حنين، وعاد الستر فلبي مريضًا حانقًا على جدة وأهلها بعدما اجتمع بابن سعود بالقرب من جدة فلم يفلح، وقرر الريحاني السفر في ٩ رجب مبارحًا البلاد إلى مصر، ثم حصل انكفاف عن المناجزة بضعة أيام سعت في ذلك الوقت بعثة مصرية في السلم، غير أن الوقت جرى فيه فصل الخطاب من السلطان، ثم بدأت المناوشات بين الجيوش النجدية وأهل جدة، حتى جاءت القوات النجدية بالمدافع والرشاشات من مكة فوجهها الإخوان على العدو، وهذه المدافع والرشاشات هي التي تركها علي بن الحسين في الطائف والهدا فصارت غنيمة باردة للحكومة السعودية، فصارت المدافع من كلا الفريقين تضرب بشدة، وشرعت الرشاشات والبنادق فاحتل الإخوان في النصف الأخير من جمادى الثانية النزلة اليمانية مرتين، واحتلوا نزلة بني مالك والرويس واستولوا عليهما، ثم خرجت وضربها تحسين باشا بالمدافع، وحرق الإخوان قسمًا منها، فأخلاها الفريقان.
ظل الإخوان مرابطين في الجهة الجنوبية أمام الجناح الأيمن، فاصطدموا مرارًا بثلل من الجيش الهاشمي كانت تخرج تارة للكشف وطورًا لاحتلال آبار الماء في تلك الناحية.