مصيبةٌ، وإن كنت لا تعرف الحال وأن القوم يتهكمون عليك فالمصيبة أعظم، ولكن رجائك لتوقيفهم عن الزحف علينا لا نرى لجنابك في فضلًا وإنما نرجوك أن ترخص لهم كما نرجوك أن تبلغ الأمير أنه بلغني أنه يستحرمنا حرمة الحرم، وإننا إذا لم نخرج منه يقاتلنا فيه وليس بذلك حرج، أما نحن فقد خرجنا فالرجاء فيه أن الكريم إذا قال وفي ونرجوا من الله تعالى أن ينصر جند الرحمن على جند الشيطان والسلام على من اتبع الهدى.
فلما كان في صباح السبت الموافق ٨/ ٦ طارت طيارة إلى وادي فاطمة، وحلقت فوق بحرة وحداء والشميسي، فعاد القائد يقول: ما رأيت ابن سعود ولا جنوده ولا أحدًا من البشر أو الحيوان في الطريق، نعم قد حالت الغيوم عن رؤية الإخوان، كيف لا وقد أطلقوا عليها البنادق والرصاص في وقت رؤيتها، وما علم القائد ولا المراقب بهم، وما علموا إلا في غد لما وصل جماعة جدة قادمين من مكة، وهو أن الإخوان قد زحفوا بمائتين من الخيام معهم ثلاثة مدافع وقد خيموا قريبًا من حداء وقد أرسلوا الرصاص على الطيارة، لكن بعدها في الجو حال بين الطائرتين وبين الشعور بذلك.
ثم إنه دخل تحسين باشا على الملك علي وعنده الوكيل الإنكليزي يهنيه بصحته، فكلم تحسين للملك يقول: أستأذن بكلمة خاصة، فأجابه الملك بقوله: مهمة؟ أجاب مهمة جدًا، فذهب علي يمشي وتحسين خلفه، حتى ظهرا على غرفة محاذية للمجلس، فرجعا سريعًا يقولان: جائوا نحو مائتين من الخيالة، رأتهم القيادة خارجين من بين الجبال، وتحسين يقول: رأيتهم بعيني صاروا في السهل فعند ذلك صدر الأمر بإطلاق المدافع عليهم، وبادر كل من في القصر من صغير وكبير وشريف ووضيع إلى البنادق وزنار الخرطوش، ووقف الملك علي مذعورًا ينظر ومن معه من حاشيته في شرفة القصر يراقبون السهل بالنظارات، فخاف كل من في جدة وظنوا أن الإخوان سيهاجمون خط الدفاع في هذا اليوم ٩/ ٦ الموافق ليوم الأحد من سنة ١٣٤٣ هـ، وإذا هاجموه يخترقونه لما كانوا يعرفون من صلابتهم