ولما أن جاءت الأنباء بزحف ابن سعود بجيوشه، دخل تحسين باشا الفقير وعارف باشا الإدلبي وزير الحربية والبحرية على الملك علي فجلسا وعليهما سيماء الغضب والاضطراب فتكلم أحدهما قائلًا: علمنا أن الإخوان مشوا من بحرة وقريبًا يصلون إلى الرغامة وقال الآخر: يجب أن نرسل عليهم الطيارات لعنهم الله ولعن أجدادهم، ثم قالا بعد ذلك غدًا صباحًا سنرسل الطيارات كلها عليهم فتمطرهم النار والرصاص وتفنيهم إن شاء الله، ثم حصلت محاورات بينهما وبين الريحاني هما ينهضان الملك وهو يثبطه حتى طلب الريحاني تأجيل المسألة إلى يوم الأحد الموافق ٩، فكتب السلطان عبد العزيز في ٧/ ٦ أن الحكومة والجند وأصحابي في قلق وارتياب مما شاع هذا المساء بخصوص تقدمكم إلى جدة وهم يأبون التربص والامتناع عن الحركات العسكرية الحربية ولكني تمكنت من توقيفهم يومين آخرين أي إلى مساء الأحد، فأرجوكم إذن أن تخابروني حالما يصلكم كتابي هذا ليصلني الجواب مساء الأحد وإذا كان النجاب لا يرجع في اليوم الثاني فأرسلوا الجواب مع نجاب آخر من عندكم في كل حال أنتظر جوابكم مساء الأحد في ٩ الجاري فلا تخيبوا أملي، فأجابه السلطان بكتابه الآتي:
من عبد العزيز عبد الرحمن الفيصل إلى أمين الريحاني كتابك وصل وما عرضت كان معلومًا، من خصوص كتابك السابق وهذا مضمونه تراه طي الكتاب، وأما كونه وصل إليكم أو لم يصل فلا بد أنك تتحقق عن ذلك من أصدقائك الموجودين عندك، وأما ما ذكرت في الملحق عن تحمس الجنود لما بلغهم منزلنا حداء وإغارة بعض الرايات عليهم وأنك طلبت منهم أن يتأخروا، فلا نقول إلا ما قال سبحانه:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} ونقول أيضًا يا مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين، وأما رجاؤك أنهم يتأخرون فكما قال الشاعر:
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبةٌ ... وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
إن كنت تعرف الحقيقة كما نظن إنك تعرفها عن القوم وعنا وتتجاهلها فتلك