غزوهم؟ فأجابه أن نعم، ثم إنه تأهب أهل عنيزة وخرجوا في يوم الأربعاء أحد أيام رجب من سنة ١٢٩٥ هـ، فلما زحفوا تحت رايتهم التي كان يحملها الصقيري على راحلته انكسر الرمح الذي فيه الراية ورجع رئيس الجيش زامل بقومه فأمرهم بالنزول، وذهب إلى القاضي علي يقول له إنا خرجنا في هذا اليوم وهو مكروه عند العرب، فلما كانت الراية عند باب البلد انكسرت، فماذا ترى؟ أنقيم اليوم ونغزوا غدًا نهار الخميس؟ فقال الشيخ خذوا رمحًا سالمًا وأصلحوا رايتكم واغزوا على بركة الله، فإنه لا خير إلا خيره ولا طير إلا طيره، وليس عند الأيام خبر، فزحفوا في حينهم والعدو على مسافة يوم، وكان في بلد عنيزة رجل يقال له فتنان من قبيلة قحطان أيضًا، فبعث ابنته إلى قومه قحطان في جوف الليل ينذرهم، وأمرها أن تخبرهم الخبر بأهل عنيزة واصلون قريبًا إليهم، فقدمت الابنة على آل حشر في ناديهم، وكانت ذات حسن وجمال فوقفت على القوم قائلةً أن أبي أرسلني إليكم بأن أهل عنيزة خرجوا يقصدونكم فخذوا حذركم، وأنه لم يخرج بنفسه خوفًا من أن يغضب عليه جيرانه إذا علموا بمجيئه إليكم، فضحكوا منها والتفت بعضهم إلى بعض متهكمين قائلًا بعضهم لبعض ما أحسن أن يزغب هذا النذير، يعني أن ينكح، فهم في تهكمهم وضحكهم، إذ طلعت عليهم جيوش أهل عنيزة، فقتلوهم شر قتلة أصابت من آل حشر أحد عشر رئيسًا من بينهم القائد حزام، فانهزم القحطانيون بعدما دفنوا قتلاهم وحملوا أميرهم حزامًا مضرجًا بدمائه، مثخنًا بجراحه، فدفنوه في نفي الماء المشهور بعالية نجد في ذلك الوادي، وكان الرجل المدعو بفتنان قد غضب لما رجعت إليه ابنته وشكت إليه مقابلتهم لها بالتهكم، والتهب قبله التهاب النار، فلما كان من الغد أتاه الخبر بقتلهم، فسكن غضبه فقال في ذلك شاعر آل عاصم أبياتًا بعد دفنه وارتحالهم من نفي.
[ثم دخلت سنة ١٣٠٥ هـ]
استهلت هذه السنة بضعف دولة آل سعود واضمحلالها، وهذا هو دور الانحلال الذي انحلت به دولة آل سعود الغر الميامين، فإنا لله وإنا إليه راجعون.