ولما أن قدم كتابه على ابن سعود يحمله زيد المعرقب رسول ابن صباح أراد ابن سعود أن يطلع على الحقيقة، فكلم الرسول مخاطبًا له بقوله: إن والدي الشيخ مبارك أخبرني أنه أمرك أن تكتم خبر قتل ابن رشيد، فأجابه قائلًا: والله ما نام الشيخ من شدة الفرح عندما بلغه خبر قتله، فعلم ابن سعود بخجل الشيخ مبارك في معاملته تلك، وتعد هذه أيضًا مضحكة من ابن صباح، وكتب إلى مبارك يخبره بوصول الكتاب الأول وما فيه من التهديد بالحرب، وبوصول الكتاب الثاني وفيه التعطفات الطيبة، ثم أخبره بذبحة ابن رشيد وختمه بقول الشاعر:
إذا كنت في كل الأمور معاتبًا ... صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
ولقد فرح ابن صباح بقتل ابن رشيد أشد الفرح كيف لا وهو عدوه الألد.
[ذكر إمارة متعب بن عبد العزيز بن رشيد وما جرى من الحوادث]
لما تولى متعب الإمارة بعد قتل أبيه أظهر أنه راغب في السلم، فتفاوض وابن سعود، وتم الاتفاق على أن تكون حائل وملحقاتها وشمّر لابن رشيد وباقي بلاد نجد بما فيه القصيم لابن سعود، ثم أطلق الأمير متعب من كانوا مأسورين من آل سعود في حائل، فقدموا بريدة وأقاموا فيها، والباعث لعقد الهدنة والصلح والسلم، هو أن ابن سعود بعدما قتل ابن رشيد عاد إلى بريدة برجاله، فوجد أميرها صالح الحسن وأتباعه ومن على طريقته لا يساعدونه على حرب عدو ولا ينضافون إلى جيشه، وكان لصالح أتباع كثيرون في بريدة، أضف إلى ذلك أنه ظهر لابن سعود عداوة صالح وأتباعه وبما أنه لا قوة لديه كافية لمحاربته، ولا للزحف إلى حائل على أنه يحذر دائمًا أن يحس الناس بضعفه يوم ضعفه أو يحسوا يوم القوة على حقيقة قوته، فقام تاركًا لأهل القصيم وشأنهم، وأغار بمن كان معه على عدو غير صالح الحسن وهو ناهش الذويبي رئيس قبائل حرب الموالين لابن رشيد، فأدركه وعربانه في مكان يدعى الرحا، بين القصيم وحائل فقتلهم عن بكرة أبيهم ثم أغار بمن معه على قبائل من حرب في أبي مغير بأعالي نجد فشتتوهم وغنموا أموالهم.