لها عنها، منها عداوة فرنسا لها، ومنها ترقب البابا الفرصة لاسترداد نفوذه المسلوب منه إلى غير ذلك.
[ثم دخلت سنة ١٣١٤ هـ]
في هذه السنة عمر السلطان عبد الحميد بن عبد المجيد المسجد الحرام المكي شرفه الله، وذلك لأنه مضى عليه منذ عمارة السلطان عبد العزيز خان إلى هذه السنة نحو من ٣٥ سنة، لم يجر فيه ترميم ولا إصلاح يذكر، ولطول هذه المدة زالت ألوان الأصبغة والنقوش المحلى بها جدر المسجد الحرام وعقوده، وتكاثف على الأساطين والرخام حتى عمل بها تأثيرًا من طبقة مرمرة، وتغير لونها وأزالت الشمس ألوان ما كان من النقوش على المقامات وأبواب المسجد، وتصدع فرش الحجر بداخل الأروقة والمماشي وحاشية المطاف، وامتلأت بطون القبب من عش طير الأبابيل، ونسج العنكبوت بيوته على سقف المسجد الحرام وجدره، فلما كان في هذه السنة صدر أمر السلطان عبد الحميد بإجراء ما يلزم للمسجد الحرام من عمارة وأصلاح وترميم وتنظيف ونقوش داخلًا وخارجًا، فقام ناظر الحرم الشريف بذلك وأحضر آلة للبناء، وعمل أولًا نحو خمسين سلمًا من الخشب وجعل كل سلم على أربع قوائم، فنظفت القبب من عش الطيور والعنكبوت والغبار المتراكم، ثم نظف سطح الحرم ونظفت الأسطوانات، ونورت كلها وأصلحوا عموم الأحجار المرصوفة، وحاشية مدار المطاف، وكذا جميع المنارات والمقامات ومقام إبراهيم عليه السلام، وبئر زمزم، وأبواب المسجد الحرام رممت وأحكمت إحكامًا ودهنوها مع أخشاب المقامات باللون الأخضر، ودهنت قبة زمزم وقبة مقام إبراهيم باللون الأخضر، واستمرت العمارة سنة بجد واجتهاد ونشاط، فعاد المسجد الحرام أحسن ما ينبغي أن يكون عليه من البهجة والرونق، وكتب تاريخ تلك العمارة بالذهب باسم السلطان عبد الحميد خان العثماني بن السلطان عبد المجيد خان العثماني سنة ١٣١٤ هـ، ووضعت تلك الكتابة بعلو باب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي لا تزال في موضعها إلى العصر الحاضر على شكلتها يوم وضعت.
وممن توفى في هذه السنة الأستاذ عبد الله النديم رحمة الله على أموات