للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشرب والانبساط، حتى حدثني بعض الثقات أنه رأى في بيت الشيخ يومًا من الأيام خمسة عشر سقاء لبن معلقة، وأقبلت الأمة من كل فج عميق يدرسون ويستمعون ويأكلون ويشربون، فنشر علمه بين العالمين، واهتدى على يديه فئام من المكلفين، وكان من بين من تخرج عليه هناك رجل الدين والخير الشيخ صالح بن سالم آل بنيان، لزمه وحافظ على دروسه، وترك ابن رشيد وأعماله حتى برع من بين الإخوان ونبغ من أولئك الأقران، وأصبح من أعظم أنصار القرآن والسنة، ومن بين خيرة أهل ذلك الزمان، وقد اشتهر الشيخ صالح بقصائد تدل على بصيرته ومقامه في الدين، والرد على الضلال والملحدين.

ولما علّم ودرّس شيخنا في بلدة حائل وضربت إليه أكباد الإبل من كل قطر وجهة، وبان للأمير مقام هذا العالم، أجازه جائزة سنية وأعطاه إبلًا وغنمًا وصرفه إلى وطنه الرياض مصحوبًا بالسلامة.

ومما هو جدير بالذكر أنه أتى على آخر تلك الأدباش وهو في طريقه إلى الرياض، ففي كل منزل ينزله ينحر جزورًا ويذبح أغنامًا للزائرين والرفقة، حتى لم يقدم الرياض بشيء منها، وتلك عادة فطره الله عليها كرمًا وجودًا وإحسانًا، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

وكان المنافقون والذين في قلوبهم مرض يرتقبون إهانته من ابن رشيد، فما لقي منه إلا الكرامة، فلله الحمد على ذلك.

وفيها حصلت حروب طاحنة بين الحبشة وإيطاليا، وكان سبب هذه الحروب دسائس الإنكليز التي غررت إيطاليا وأغرتها على احتلال سواحل الحبشة والتوغل في بلادها، فأثارت تلك الدسائس الأحباش وأضرمت في وجه إيطاليا حربًا جبريًا أصلت به الإيطاليين نارًا حامية، وانتهى الأمر بفوز الأحباش فوزًا عظيمًا، ورجع الإيطاليون بخفي حنين وباؤا بفشل عظيم ولم ينالوا من سعيهم إلا تكبد الخسائر الباهظة وانحطاط قدر جيشهم أمام عيون الناظرين، وقبولهم الشروط المهينة لشرفهم والماحقة لحقوقهم، ولهذه الدولة جملة مهددات لا محيص