وأهدي إليه مرة منيحة شاة، فذهب يومًا ليأتي بها مساء من السرح ففاته صلاة المغرب جماعة، فلما صلى أخذ برقبتها وأخرجها عن بيته يصفعها ويقول لست بمنيحة، أنت شطيان، ألهيتني عن عبادة ربي.
وبعث إليه أمير قريته بتوعده ويظطره إلى أن يبارح القرية، وقال في تهديده له: إن أصبح قتلته، فلبس أكفانًا وبات يدعو الله أن يهلكه، فلما أن كان من آخر الليل سقطت على الأمير غرفته فمات تحتها.
إلى غير ذلك من الكرامات والأفعال التي يجب أن تجمل بها الصحف ويسمر بها، فرحمة الله عليه، عبر الدنيا وما عمرها، وما هي إلا ساعة صبروا فيها على النكد فأعقبت لهم الراحة التامة والذكر الحسن.
[ذكر نهاية أمر الشيخ إبراهيم بن جاسر]
فنقول: كان هذا قد جرى بينه وبين آل سليم مخالفات ومناقشات تستغرق بسطًا طويلًا نذكره في غير هذا الموضع لأسباب، لكننا نشير هنا إشارةً لطيفة، فإن الشيخ إبراهيم كان في باديء أمره تلميذًا لآل سليم، ثم خالف عليه جماعة من العلماء في مسائل، فشن عليه المخالفون غارتهم وأجلبوا عليه، ولسوء الحظ لم توفق المشكلة لحسن حل، وآل أمر هذا الخلاف والشقاق إلى فتن ومحن يمتد لهيبها على عنان السماء تارةً، وتارةً تهمد رمادًا، وما زال منذ أيام الأمير حسن بن مهنا حتى غاية هذه السنة وهو مصرّ على رأيه، وله أتباع يؤيدون مذهبه ويشدون أزره.
غير أنه لما تبدأ طالع آل سعود حماة الدين ونصرة الشريعة، ضعف شأنه وانقشعت غمامة هذا الخلاف، وجمع الله المسلمين على يدي صاحب الجلالة عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل، قام الشيخ المذكور يظهر الموافقة، وكان قد تولى قضاء عنيزة في آخر ولاية عبد العزيز بن متعب، وتولى قضاء بريدة في أيام محمد أبي الخيل، ولا ريب أن تلك الأمراء يقدمونه وينتصرون لمقالاته، أضف إلى ذلك أنه كان متواضعًا وذا عطفٍ على الفقير والمحتاج مع سخاء وكرم يتصدق بما يجد