الزاخر والعلم الظاهر، من افتخرت به الأواخر على الأوائل ونال من الفضائل ما قصرت عنه سورة كل مطاول، الشيخ عبد الله بن الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن شيخ الإسلام وكاشف الأوهام محمد بن عبد الوهاب، أعظم الله لهم الثواب وأدخلهم الجنة بغير حساب، هؤلاء الأئمة الذين تنجلي بذكرهم الغياهب ويجئوا على الركب أمامهم كل طالب، فحقيق بمناقب هؤلاء الأئمة الذين رفع الله قدرهم وشاد في العالمين ذكرهم أن يعض عليها بالنواجذ، وتأنى عليها الخناصر، وتجمل بها بطون الدفاتر، وينادى بها فوق أعالي المنابر جزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرًا.
كان الشيخ عبد الله جوادًا كريمًا وألمعيًا محققًا له هيبة عظيمة في الصدور ويملأ المسامع ويقنع المسترشد والسامع، وله مقامات في الإسلام وتسديد في أجوبته وتصديراته، وقد أقرِّ له بذلك الخاص والعام وغرس الله له المحبة في صدور المؤمنين وأذلَّ به الكفار والمنافقين، وكان في زمنه إليه الرجع في علوم الدين، فـ لله دره من إمام تقتدي به العلماء وملجأ منيع تأوي إليه الضعفاء، وتجثو لاستفراغ منطوقه رقاب الفصحاء والبلغاء، فإن بحثته في علم التوحيد والأسماء والصفات فهو البحر الخضم الغزير، وإن طلبت إليه علوم الحلال والحرام وجدت عنده الجم الكثير، وإن سبرت أخلاقه وفضائلة ومكارمه، قلت ذلك تقدير الرب الكبير، فسبحان من أخصه بالمكارم، وحلاه بالقبول والحظ الذي ليس له فيه مزاحم، منحه الله من سيله العميم وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
[ذكر جوده وكرمه]
لما كان الله تبارك وتعالى قد أحب الجود والسخاء والكرم وجبل نبيه - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، كان لأوليائه وأتباع رسله من ذلك الحظ الأوفر فأصبح هذا العالم آية من آيات الله في البذل والسخاء ينحر الجزور ويطعم طلاب العلم ويمنح الغريب والمسكين وذا الحاجة والقريب والبعيد، فحدث عن البحر ولا حرج، يبذل لله وفي طلب مرضاته، فـ لله كم أشبع من بطون جائعة في ليال مسغبة، وكسا من عراة، وكفل من أيتام.