قد تقدم أن أولاد سعود بن فيصل كانوا مقيمين على شق العصا كما فعلوا مع عمهم عبد الله، وكان الخلاف قد بقي في أولادهم الذين كانوا أسرى عند ابن رشيد، ولما خلصهم عبد العزيز وحقن دمائهم كرامةً للرحم أن تقطع، وكذلك عفا عنهم فذهبوا إلى الكويت ثم رجعوا منه، ومن الإحساء كما قدمنا ونزلوا في الخرج يريدون الاستيلاء عليه، ولكنه قام عليهم القائد فهد بن معمر ومن معه وصدوهم بل طردوهم، فرحلوا إلى المقر الذي اتقدت فيه قصة آل هزان إلى جهة الحوطة والحريق.
أما الهزازنة الذين كانوا أسرى في الرياض فإنهم بعد ما أطلقهم عبد العزيز ومن عليهم بالرجوع إلى بلادهم إكرامًا لأمير قطر قاسم بن ثاني الذي توجه لهم، فحالما وصل العرائف إلى الحريق بعد طردهم من الخرج، رحب بهم الهزازة وتعاهدوا وإياهم فكانوا يدًا واحدة، وقد انضم إليهم ناس أيضًا في الحوطة فمشوا معهم إلى الحريق، ثم هجموا على القصر هناك، وكان في القصر إذ ذاك سريةٌ لابن سعود فحاصروها سبعة أيام واستولوا على القصر.
فلما خلص ابن سعود أخاه سعد من الأسر وصالح الشريف، عاد من القصيم قاصدًا ناحية الحريق الذي قد استولى عليه العرائف والهزازنة تلك الأيام بالغشم، وانضم معهم جمع كبير من البادية.
إن الحريق بلدة كائنة في وادي بين جبلين وليس لها غير طريق واحد، فأسرى فيه عبد العزيز ليدخل البلدة ليلًا على حين غرة، ولكنه عند وصوله إلى قصر كان قريبًا منها نزل هناك وأمر جيشه الذي لم يكن يومئذٍ غير ألف ومائتين من الحضر أن يعسكروا ويستعدوا لحصار طويل، ولكن خيالة العدو في جولة من الجولات اصطدمت بفصيلة من خيالته فكانت الشرارة التي أضرمت نار الحرب، فهجم حضر عبد العزيز بن عبد الرحمن هجمة واحدة على الحريق ولم