يقفوا حتى استولوا عليها وعلى بلدة أخرى اسمها مفيجر، فشرد العرائف ولم يقفوا من شدتهم على الخيل حتى وصلوا إلى أهل الحوطة فالتجأوا إليهم فردوهم خائبين، فرحلوا إذ ذاك إلى الأفلاج.
وكان في السيح هناك أخوهم فيصل، وفي ليلي أحمد السديري من قبل ابن سعود، وليلي هي قاعدة الأفلاج، والسيح كانت بلدة من بلداتها فيها مياه جارية، فاحترب فيصل والأمير السديري قليلًا قبل وصول العرائف.
أما عبد العزيز فبعد انتصاره في الحريق زحف جنوبًا فنزل نعام وهي قرية في الطريق، وأراد الجيش أن يهجم على الحوطة فيكتسحها فأبى ذلك، لا أسعى في خراب بلدين من بلادي في يوم واحد سأقدم لأهل الحوطة الصلح وأعطيهم الأمان لعل الله أن يهديهم سواء السبيل، فعند ذلك ظفر أهل الحوطة بالأمان، شكرًا لعالمهم ورؤسائهم الذين خرجوا إلى ابن سعود، وقد عقدوا المحارم في رقابهم، ولكن أهل الحوطة يقول فيهم بعض المؤرخين أنهم برابرة قتلة لا يضعون على الرقاب ولا يفهمون في العقاب غير السيف، ومع ذلك فقد صفح عبد العزيز مشترطًا أن يدخل بجيشه البلد، فدخل ظافرًا، ثم زحف إلى الأفلاج، وبينما هو على ماء في الطريق جاءه رسول من أميره السديري يقول: إنه حين وصول العرائف إلى السيح علم أهل البلدة بما جرى في الحريق ففروا هاربين وقد تركوا فيها أمتعتهم وأموالهم فغنمها السديري عند احتلاله تلك الناحية، ولكن سعود بن عبد الله أحد العرائف وعبد العزيز الهزاني الذي فرَّ هاربًا بعد فتنة الهزازنة الأولى ومعهم ثلاثون رجلًا هجموا على السيح بعد أن هجرها أهلها دون أن يعلموا بما جرى في الحريق فقبض السديري عليهم وألقاهم في السجن.
فلما بلغ الخبر صاحب الجلالة عبد العزيز أطلق سراح سعود بن عبد الله وخيّره في أمرين: البقاء عنده أو الإلتحاق بإخوانه، فاختار البقاء، وهذا سعود العرافة الموجود الآن في الرياض فاستراح من الشقاق لما له من الحظ الكبير، ورحل بقية العرائف شاردين إلى مكة ولاذوا بالشريف وواحد منهم فرَّ إلى الإحساء ليستنهض البادية هناك.