هو محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن إدريس وكان سيدًا كبيرًا في عشيرته؛ ولما ولد جيء به وهو شاب إلى مصر فدخل كلية الأزهر وتخرج فيها ثم سافر إلى كفره بالمغرب فقرأ هناك على السيد السنوسي، وجاء منها إلى السودان فأقام في أرجوبد نقله وتزوج بابنة هارون الطويل شيخ الطريقة الأحمدية هناك، وكان له نفس كبيرة شريفة أبت عليه الخمول والاستعباد، وكانت الأسفار قد زادت بعلومه ومداركه، ثم عاد بعد ذلك إلى عسير مسقط رأسه، وكان الأتراك جنوبًا يحكمون حيثما يستطيعون ويستغوون روؤساء العشائر بمشاهرات لا يدفعون غير اليسير منها فانقلبت عليهم أصحاب الديون واستمالهم الإدريسي إليه، وما زال يحتال حتى ساد أكثر أهل عسير.
وفيها ظهر الجراد في نجد وكثر جدًا ثم أعقبه دباء أكل الزروع والثمار والأشجار وتأذى أهل نجد بتلك الجنود.
وفيها صلفت رعود الأمير حسن بن مهنا أمير بريدة وبروقة وأكثر الغارات على أهل شقراء وغيرهم من أهل الوشم، فارسل سرية في المحرم تغير على بلد شقراء، ولما أن أغارت هذه السرية فزع لذلك أهل شقراء وحصل فيما بين الفريقين قتال شديد انهزمت له سرية ابن مهنا، وأخذ أهل شقراء جملةً من ركابهم وقتل من أهل شقراء عبد الله بن عبد الرحمن بن جماز رحمه الله تعالى.
ولما وفد في هذه السنة وفد من آل أبي عليان على الأمير محمد بن رشيد في الجبل، وهؤلاء الوفد مؤلفون من ثلاثة أعضاء هم: حمد بن غانم وإبراهيم بن عبد المحسن بن مدلج آل أبي عليان روؤساء بلد بريدة في الماضي وعبد الله الجالس المعروف من موالي آل أبي عليان، علم بهم الأمير حسن بن مهنا فبعث في آثارهم ابن عمه صالح آل علي أبا الخيل يقود سرية لطلبهم، فوجدوهم في الموضع المسمى بقرية راجعين من عند بن رشيد يريدون عنيزة فقتلوهم.