للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تنفيذ الأوامر، ويده مشتغلة في صدقات السرائر، يرجو من مولاه جابر الكسر طلب الجزاء منه والأجر.

[ذكر شيء من سياسته]

كان في زمانه رئيس قبيلة من العربان تأخر عنه العطاء، فأخذ في مسبة الإمام والنيل منه، فما زال ذلك الجلف في غباوته وطغيانه حتى آل به جهله إلى أن ركب جواده ذات مرة وجعل يرسلها بين قومه في البرية وينتخي ويعتزي يقول: جوادي هذا لأطئن بها الرياض ولا غزون فيصل وأريه الفعل خيال التوحيد أخو من أطاع الله.

فوشى به أحد أعداءه إلى الإمام وأكثروا مسبته، يقولون تغدَّ بالذئب قبل أن يتعشاك، فدعى الإمام أحد رجاله على خفية وأركبه مطية من النجائب المسرعة وناوله أربعين ريالًا وعباءة ومحرمة وقال: اذهب إليه وناوله إياها وأرفقها بكتاب فيه، من فيصل ابن تركي إليه.

ثم قال بعد التحية أيها العزيز نعتذر إليكم من نسياننا لواجب حقكم، وذلك لكثرة الأشغال، فالحمد لله الذي جعل هذا النسيان وقع في حقكم لأنكم تتحملون تأخر جائزتكم هذه المدة، فنرجوا المسامحة وسنجعلكم بعدها على البال لا زلتم بخير وسلام.

فلما قدم عليه النجاب وناوله ما معه، انقلبت خمرته خلًا وصعد المنبر بعد صلاة الجمعة عليه عمامة ضخمة، فألقى خطبةً على الناس قال فيها: أيها الناس اعلموا بأنه يوجد فيكم منافقون يسبون إمام المسلمين، والإمام أطال الله بقاءه قد أوجب الله طاعته حيث يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩]، فإني أعاهد الله لأن سمعت أحدًا يسبه منكم لأقتلنه ولأجعلنه نكالًا لغيره، فلما رجع النجاب إلى الإمام وأخبره بما صنع عجب لهذه القصة الظريفة وقال على طريق الأمثال: كلب ينبح لك أولى من كلب ينبح