للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [الرعد: ٤١]، وقد أحببت أن أرتب ترجمته في عشرة أبواب.

[الباب الأول: في ولادته ونشأته]

ولد رحمه الله عام ١٢٩٨ هـ، فتربى في كنف والده الكبير الشيخ محمد، وكان محببًا لديه فنشأ على العفاف والذكاء وحسن الأخلاق والطهارة والعبادة، فتعلم القرآن حتى مهر فيه، وحفظه عن ظهر قلب، وأخذ في الدراسة على والده الشيخ محمد بن عبد الله، وشرب من ذلك الزلال حتى نبغ من بين الأقران وفاق أهل الزمان، فلما رأى والده مؤهلاته وصلاحه قدمه إمامًا في صلاة التراويح وعمره إذ ذاك ١٨ سنة، ثم إنه اتفق أن كان في وقته فتن ومحن من بعض الحكام، فذهب به والده إلى النبهانية فكان في صحبته، وتفرد بالأخذ عنه حتى برع في العلوم نحوًا وصرفًا وفقهًا وحديثًا وأدبًا، وتعلم في علم المواريث حتى كان آية من آيات الله تعالى، ولما أن أعاد الله الكرة للمسلمين وظهر نجم آل سعود بعبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل جزاه الله عن الإسلام خيرًا رجع به والده إلى بريدة فكان فيها على قصر ذات يد وفقر وحاجة، وما كان له هم في جميع الدنيا أن همه إلا طلب العلم والجد والاجتهاد في تحصيل مسائله، هذا وألسنة أعدائه متلوثة في حسبته حسدًا ونفورًا ولله حكمة بالغة في تسلط الأعداء على أولياء الله وحزبه، وكذلك جعلنا لكل في عدوًا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورًا، وقد بعث به والده إلى الشيخ العظيم عبد الله بن عبد اللطيف في بلد الرياض ليأخذ عنه، ولما أن جلس للتعلم من الشيخ عبد الله أعجب به ورأى ذكاءه وكمال عقله ونبله ومعرفته، فقضى له بالإجازة وشهد له بالبراعة والتقدم فرجع إلى وطنه بريدة محفوطًا بعناية الله وأصبح موضع الإعجاب على رغم حاسديه، ولقد كفانا ما جرى في قديم الدهر على الرسل وأتباعهم كما جرى على امام المتقين وسيد ولد آدم من قريش، ولا ريب أن كل صاحب نعمة محسود.