استهلت هذه السنة والعاهل السعودي فيصل بن عبد العزيز ملك المملكة العربية الذي كان سرطان العدو وريحانة الصديق يكابد تدابير المملكة ويحميها من شامها إلى يمنها ومن البحر الأحمر إلى خليج العرب برأي سديد وحنكة ذي تجارب ولقد أحسن الشَّاعر حيث يقول في الرأي والسياسة:
الرأي قبل شجاعة الشجعان ... هو أول وهي المحل الثَّاني
فإذا هما اجتمعا لنفس مرَّة ... بلغت من العلياء كل مكاني
ولربما طعن الفتى أقرانه ... بالرأي قبل تطاعن الأقران
لولا العقول لكان أدنى ضيغم ... أدنى إلى شرف من الإنسان
وكانت حيله في مخاتلة الأعداء والقضاء عليهم مضرب الأمثال ربما أن مراجل الفتن في هذه السنة تغلي وأمواجها تلتطم فإنَّه لم يصده ذلك من أن يسير بالمملكة قدمًا وتتمشى المشاريع بنشاط كما قدمنا ولقد قام بكلِّ ما لديه من الاستطاعة في تأمين الشعب وفتح معاهد النور للعميان وإيجاد الضَّمان الاجتماعي والإصلاحات العظيمة والدفاع عن المملكة والشعب سالكًا طريقة آبائه وأجداده الغر الميامين في تحكيم الشريعة والتحاكم إليها وكان باقعة في الدهاء والمقدرة والسياسة ويكفيك أنَّه أديب ناقد عبقري واستعمل ضروبًا من الحزم والسياسة في مصادمة اعتداءات المعتدين على نجران ما حير به العقول وذهب المعتدون ما بين قتيل وأسير وشريد يجرون ذيل الهزيمة والفشل وهكذا يكون الرجال الأبطال الذين جمعوا صفات الولاية ومؤهلاتها من سياسة وذكاء وفطنة وحزم ومقدرة.
[ذكر ما جرى فيها من الحوادث]
ففي يوم الاثنين ٨ محرم سقطت ثلوج في حوالي الموضع المعروف بالنقرة بطريقة المدينة المنورة بينها وبين القصيم وكان سقوطه أمرًا عجيبًا بحيث نزل وجعل ينبغي بناية متراكمة حتَّى بلغ ارتفاعه قريبًا من خمسة أمتار وقتل نساء ثلاثًا وأولادها